مقالات

إلي أين تشير البوصلة؟

من أعلى المنصّة

 

ياسر الفادني

 

 

الخطاب الأخير الذي خرج به الهالك لا يحمل من ملامحه ولا من لغته ما يشير إلى أنه صُنع داخل السودان بل يشير إلي نتاج عقل مضطرب يفتش عن مخرج من الهزيمة ، ما كُتب له كان أقرب إلى نصٍ مُعدّ بعناية في غرف مظلمة، نصّ تولّت الإمارات حبك مفرداته وإخراج متونه وحواشيه، في محاولة بائسة لصرف الأنظار عن دورها في ما يجري على الأرض من عمليات تطهير عرقي وإنتهاكات اتّسع نطاق إدانتها عالمياً، جاء الخطاب أشبه بجرعة تخدير تُضخ في جسد مليشيا منهارة، محاولة هشة لرفع معنويات سقطت بقوة تحت ضربات الجيش، خاصة في محاور كردفان حيث كانت الضربات دقيقة وقاصمة

 

الهالك تحدّث عن هدنة لثلاثة أشهر، هدنة ظاهرها مصالحة وباطنها إعادة ترتيب الصفوف الممزقة وإيقاف النزيف الميداني الذي جعل عناصره يفرّون من كردفان نحو تخوم دارفور، هو يريد وقتاً لإيجاد طرق إمداد جديدة بعد أن أحكم الجيش سيطرته على معظم المسارات الحيوية، وتكفل نسور الجو بقصف المتحركات اللوجستية في أكثر من محور، حتى باتت المليشيا محاصَرة أمام عجزها الميداني وفقدانها زمام المبادرة

 

أما الجناح السياسي لتلك المليشيا فقد نخرته الخلافات حتى العظم، فاختفت الوجوه التي كانت تصرخ في الفضائيات، وتوارى قادتها خلف أستار مرتبكة، وتركوا الساحة لمجموعة من البهلوانات الإعلامية التي لا تجيد سوى الصخب، مسوقة أوهاماً عن استقرار في مدن منهوبة أصلاً، زيارات مصطنعة، لقطات مصوّرة، ولايفات بلا قيمة… كلّها محاولات لإيهام الداخل والخارج بأن شيئاً ما لا يزال قائماً، بينما الواقع يقول إن الأرض تهتزّ تحت أقدامهم

 

وفي المقابل، جاءت تصريحات القائد العام عبد الفتاح البرهان واضحة، قوية، صريحة ، محكمة في رسائلها، ولامست جوهر الموقف من الرباعية ومن مسار الأحداث، تجد صداها في الشارع السوداني، لأنها حديث رجل دولة، لا ترهات قائـد ميليشيا مهووس ! الفرق بين الخطابين كالفرق بين الهذيان والعقل، بين الارتباك والثبات، بين من يثير السخرية والغضب والاستهجان، ومن يحظى بالتقدير والدعم والمساندة الشعبية الواسعة

 

الشعب السوداني اليوم لا يحتاج إلى من يشرح له ما يرى، البوصلة واضحة، يعرف جيداً من هو الذئب الحقود الذي جلب الخراب، ومن هو الأسد العادل الذي يقف في خط النار دفاعاً عن وطن يتصدع لكنه لا يسقط.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى