مقالات

إنتهي الدرسُ يا غبي

*وجع ضُرس*
*عبد الكريم محمد فرح*

“القسـ.ـام” تنشرُ مشاهد تسليم الدفعة الأولى من “صفقة طوفان الأقصى” لتبادل الأسرى
خبرٌ في مفداه أن وقف الحربِ أصبح وشيكاً، تدخلُ سيارات مصفحة، تتبع للصليب الأحمر لتأخذ 3 شابات إسرائليات مليحات، أكبرهن ثلاثون عاماً، يبتسمون ويحملون (أكياس هدايا)، كُتب عليها من الخارج “صفقة طوفان الأقصى” وحوت بداخلها بعض الصور التذكارية لهن بالمعتقل وخريطة لقطاع غزة.
عندما شاهدتُ هذا المشهد أصابني ما أصابني فساحة السرايا بمدينة غزة تعجُ بالمسلحين من كتائبِ القِسام هو مشهدٌ شديدُ الحساسية في رزمانة حرب ال سابع من أكتوبر وصفٌ لحالةٍ مجتمعية ولحظة تاريخية عظيمة. ربما هالني التجهيز والعتاد مثلما ادهشني التصوير والتوثيق للحدث، لقطاتٌ كثيرةٌ وأنواع متعددة من المشاهد ومن زوايا مختلفة من بينها لقطات درون وكاميرات ثابتة وغيرها، وجنود مدججون كُتب على صدورهم الإعلام العسكري. حقيقةً قارنت ذلك بعضه وكله بين دخول الجيش لود مدني بعدة متحركات وطائرات ولم يوثق أحد ولم نرى لحظات انتصار الا بعيون مراسلي الإعلام الخارجي، فعجبي يا بلدي فأنت مظلوم في كُل شيء.
فلنعد لما قبل وقف إطلاق النار ،، تم التسليم لهولاء الأسرى في قلب غزة تلك المدينة التي هددها الإحتلال وشرد ساكنيها وقام بإخلائها تماماً.
كثيراً ما سمعنا من الجيش الإسرائيلي وأعوانه أن المقاومة تلفظُ انفاسها الأخيرة بكمية القتل والتهجير والتدمير الممنهج وبث الشائعات والقصص التي من أجلها أن تُفرق المجتمع وتبعده عن المقاومة.
ولكن المقاومة بخروجها اليوم بزِيها وتسليحها ومواكبها، كأنها لم تكن تحت ضغط تلك الحرب المدروسة، والهجوم المكثف الذي راهن عليها قادة العالم أجمع. وبهذا وبمنظور التحديات تقف المقاومة موقف البطل بجدارة وقد أثبتت أن -وقف إطلاق النار بعد 471 يومًا من الهلاك تحت الصواريخ- ما هي الا محاولات في مجملها لكسر الشوكة، ولكنها فشلت تماماً وضربت بها المقاومة عرض الحائط بمشهد السرايا،
والشعب الفلسطيني بغزة أثبت للعالم أن لا ثمن للوطن تحت الحصار والتضييق الإسرائيلي وتضييق على ما يسمى بالسلطة الفلسطينية على كل مناحي الحياة وفي ظل الإعلان بمبلغ 50 الف دولار، للإدلاء بمعلومة صغيرة حول الأسرى أو موقعهم أو من يدل عليهم ،، لكن لم يرسب أحد في امتحان الوطنية ولم يُداهن أحد عن موقفه ولم يبيع أحد نفسه لحفنة دراهم ودنانير.
ربما بذل الشعب الفلسطيني في مقاومته الغالي والنفيس ودفع أثماناً باهظةً في حروبٍ متتالية، فاختار الحرية والخلاص من هذا الاحتلال واختار الفكاك من تعليق مصيره بحفنة من اللصوص الأثرياء والعملاء على حساب معاناته، فهل لك عزيزي أن تعي فصول الرواية وتعلم أن الوطن لا يباع، وأن الأهل والعرض والمدن والقرى لا يمكن استبدالها بأرصدة وحسابات في بنوك بعيدة وربما قريبة وربما بنكك عديل.

فتأمل ،، فقد إنتهى الدرس يا غبي.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى