الأعمدةتأملات

البرهان وكباشي .. فرسا الرهان

تأملات

جمال عنقرة

استقبلت عددا من الرسائل والاتصالات من عدد من الأصدقاء والزملاء والقراء معلقين ومعقبين علي مقالي الذي كتبته تعليقا وتعقيبا علي مقال الاستاذ محمد عثمان ابراهيم حول خلافات القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، واشرت في المقال إجمالا إلى بعض المقالات التي كتبت وذهبت في اتجاه تزكية نار الخلاف.

ويبدو ان كثيرين قد خلطوا بين الخلاف والصراع، فالخلاف سنة ماضية، وله أسباب موضوعية، ولكنه إذا لم يدار بمنهج قويم وحكيم، فيمكن أن يتحول إلى صراع، وأشرت إلى خلاف من هم اكرم منا جميعا، والذي تحول إلى صراح، ثم إلى قتال واقتتال، والمشكلة ليست في الخلاف وحده، وإنما في بعض اهل المدينة الذين (مردوا علي النفاق) والمشكلة الأكبر ان (فيكم سماعون لهم) وأكبر من ذلك أنهم لم يعودوا من اهل المدينة فقط، فلقد نشط معهم اهل مدن وبلدان اخري، ثم الذين (يحسبون كل صيحة عليهم) وهؤلاء (هم العدو) والنصيحة الربانية (فاحذرهم) ولهذا كتبت واكتب باذن الله تعالي كما يقول اخي الحبيب فتح الرحمن النحاس.

وما يدعوني اكثر للاهتمام والمواجهة ان البرهان والكباشي بصفتيهما اولا قائد ونائب قائد القوات المسلحة اصبحا امل هذا الشعب الذي صار أمله من بعد الله تعالي في قواته المسلحة صمام أمان هذا البلد، وملتقي اهله ومبتغي حلمهم، لذلك لا خير فينا إن لم نقل لهم كلمة الحق، ولا خير فيهم إن لم يسمعوها.

وليس لنا، ولا لهم عاصم من هذه الفتنة من بعد فضل الله تعالي إلا أن نتبع سنة الرسول صلي الله عليه وسلم، والصالحين من بعده، والوطنيين من الذين سبقونا في حكم وإدارة شأن بلدنا الحبيب، ومن السنة أن الرسول صلي الله عليه وسلم اول ما دخل المدينة مهاجرا آخي بين المهاجرين والانصار قبل ان يبني مسجدا للصلاة ولادارة شؤون العباد والبلاد، ولما عاد إلى مكة فاتحا أول شئ فعله طمأن أهلها بان لا تثريب عليهم بما فعلوا (اذهبوا فأنتم الطلقاء) وان حقوقهم الاجتماعية والسياسية محفوظة، (من دخل دار ابي سفيان فهو امن) واعطي مفتاح الكعبة إلى سدنتها، وحذر من نزاعهم عليها (لا ينازعكم فيها إلا ظالم) وكان نتيجة ذلك، ان دخل الناس في دين الله أفواجا.

ومن تجارب حكام وحكماء اهل السودانيين أنهم بعد أن اشتبكت رماحهم، وسالت دماؤهم في يوليو ١٩٧٦م، تذكروا أرحامهم، ففاضت دموعهم، فتصافحت اياديهم فكانت المصالحة الوطنية الشهيرة في اليوم السابع من شهر ٧ عام ١٩٧٧م.

ان هذه المرحلة التي نعيشها تعتبر اهم واخطر مرحلة في تاريخ السودان كله، وهي المرحلة الأخطر في مراحل معركة الكرامة، فلقد بات النصر العسكري قاب قوسين او أعلى، وهنا يكمن الشيطان، وهنا تكون الفتنة، ولا عاصم الا الله، فقد يغري الشيطان بالمكاسب المادية او السلطوية، وقد يغري بالغيرة والحسد، وعلي عاتق البرهان ونائبه كباشي، قيادة هذه المرحلة بحكمة وحنكة مثلما قادا مرحلة الحرب، وعليهما في ذلك أن يهتديا بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقتديا بمنهج السلف الصالح من قادتنا الوطنيين.

اول ما يجب عليهما فعله أن يقربا ويقاربا بين شركاء معركة الكرامة، القوات المسلحة راس الرمح، والقوات النظامية الاخري، وحركات الكفاح المسلح الوطنية من دارفور والحركة الشعبية، ومقاتلي الشرق الأبطال، والمجاهدين من الوطنيين وشباب الإسلاميين والصادقين من الثوار الأحرار، والمكونات المجتمعية الوطنية المرابطة، والأحزاب السياسية الوطنية والإدارة الأهليّة والطرق الصوفية والحركة الإسلامية والجماعات الدينية الاخري الإسلامية والمسيحية، والنقابات المهنية والفئوية، وكل الوطنيين من اهل السودان.

وعليهما مع شركائهما وضع أسس متينة للانتقال إلى حكم مدني ديمقراطي عادل وراشد، وهذا يبدا باعتماد المؤسسية، وتوزيع الأدوار، فليواصل العسكريون المقاتلون كباشي والعطا الأشراف علي ما تبقي من العمليات العسكرية لتطهير ما تبقي من الوطن من دنس المليشيا والغزاة والمرتزقة،وليس لهما علاقة بالشأن السياسي ولا بالعملية السياسية، وتترك هذه للحكيم الخبير المخضرم الملك عقار، وينهض فيها معه اعضاء مجلس السيادة عبد الله يحي وصلاح رصاص وسلمي عبد الجبار ونوار، ويكون من مهامهم الحوار السوداني السوداني الشامل الذي لا يستثني احدا وملف المصالحات المجتمعية ورتق النسيج الاجتماعي، اما السيد ابراهيم جابر، فيرتقي من لجنة اعادة الإعمار التنفيذية إلى لجنة عليا للتخطيط وتمويل اعادة بناء وإعمار السودان كله، تضم في عضويتها خبراء واستراتيجيين ذوي كفاءة عالية، وخبرات متراكمة، ويترك اللجنة التنفيذية للجهاز التنفيذي، وهذه سقفها يجب الا يتعدي وزير رئاسة مجلس الوزراء.

اما السيد البرهان بطل الحرب والسلام، فهو قائد هذا كله، وهو مرشحنا جميعا لأول وأسرع انتخابات رئاسية، واقترح أن تكون بعد تطهير بقية ارض السودان مباشرة، وكنت قد ذكرت في حوار تلفزيوني قبل ايام، ان البرهان لو نافسه علي رئاسة السودان ملك من السماء، لفاز البرهان.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى