
الولاية الشمالية تنتصر لسيادة دولة القانون
همس الحروف
د. الباقر عبد القيوم علي
خطت الولاية الشمالية خطوة بحجم وطن ، خطوة ستيذكرها التاريخ كلما ذُكر معنى هيبة الدولة وسيطرة القانون ، أذ يُعد ذلك تحولاً إستراتيجياً ، وسيضع حداً جذرياً لواحدة من أكبر التحديات الأمنية في شمال السودان ، والتي كانت تشكل الهاجس الأكبر لمواطن الولاية ، وهي انتشار السلاح خارج منظومة الدولة .*
*هذا الحدث يُعد حدثاً غير مسبوق ، إذ استطاعت الولاية إعادة هيكلة قوات أولاد قمري ، وكتيبة الأسود الحرة ، ومجموعة رومي البكري ، ودمجها كلها في القوات المسلحة بكل سلاسة ، وإستلام كامل عتادها وسياراتها ، وجعلها تحت راية جيش واحد وقيادة واحدة ، فهذا المشهد أعاد تعريف الانضباط ، وتعريف الالتزام ، بعد أن فقدنا الأمل في تحقيق ذلك .*
*ما قام به قائد كتيبة الأسود الحرة الشاذلي الأنور الإدريسي يستحق الوقوف طويلاً ، فقد فاجأ الجميع بإستجابة فورية للتوجيهات حينما قائل عبارته التي ستظل خالدة : (تم تكوين هذه القوة استجابة لنداء الجيش ، وإذا رأت القيادة لا حاجة لوجودنا كمجموعة بشكلنا الحالي ، فنحن جاهزون من اللحظة للانضمام تحت رايتها) .*
*حديث الشاذلي يُعد إعلان ولاء للوطن ، وفوق الذات ، والجماعات ، فأمر تنفيذ هذا القرار ، وتجميع العتاد وتسليمه للجيش خلال ساعات قليلة من إصدار التوجيهات له يعكس وطنية نادرة للرجل سيحفظها له للتاريخ .*
*ولنكن منصفين، فهذه الخطوة الجريئة لن تتحقق لو لا وجود رجال في مواقع المسؤولية يحملون رؤية واضحة وجرأة في إتخاذ القرار ، وفي مقدمتهم يأتي سعادة المدفعجي الجنرال عبدالرحمن عبدالحميد إبراهيم والي الولاية الشمالية ، الذي أثبت أنه قائد دولة حقيقي ، فقد إستطاع أن يفرض هيبة الدولة بذكاء واحترافية حيث لم يصادم ، ولم يتعنت ، وبكل حكمة أنهى الأمر وكأنه شيء لم يكن .*
*وهنا لا بد لنا أيضاً أن ننصف أركان حربه في اللجنة الأمنية ، وكذلك قيادة الفرقة 19 مشاة الذين عملوا بصمت ، وقدموا نموذجاً نادراً في التنسيق والحنكة العسكرية .*
*ومن هنا أريد ان ارسل رسالة مهمة لكل من يسألون (ما الذي قدمه والي الشمالية؟) ، وللمخذلين ، وللأصحاب الغرض والمرض ، نقول لهم بكل وضوح وبالصوت العالي : (إن لم يكن للسيد الوالي إنجاز واحد سوى هذا ، لكفاه شرفاً يستحق عليه نجمة الإنجاز) .*
*فدمج هذه القوى تحت راية الجيش وإستلام كامل عتادها يمثل مشروع دولة يعيد ترتيب المشهد من جديد ويزيل التشوهات التي تسبب فيها بعض أفراد هذه الجماعات ، ويغلق الباب أمام الفوضى ، ويعيد الانضباط لكامل الولاية .*
*ما حدث في الشمالية اليوم ، يمثل في المقام الأول نهاية قصة كانت تشكل هاجساً للدولة ، وهذا يعتبر إنتصاراً حقيقياً على التشتت ، وإنتصار القانون على السلاح المنفلت ، وإنتصار الحكمة على الفوضى ، وهو في الوقت نفسه بداية حقيقية ، جديدة عنوانها : (جيش واحد ، سلاح واحد ، قرار واحد) .*
*من مقامنا هذا نرفع التحية للمدفعجي سعادة الجنرال عبدالرحمن عبدالحميد إبراهيم والي الولاية الشمالية ، ولكل الرجال الذين وقفوا خلف هذا العمل الجبار ، ولكل من اختار الوطن على حساب المكاسب الخاصة من النظاميين ، ومن قيادات هذه القوات الذين إلتزموا بالتوجيهات ، ولكل يد ساهمت في إعادة ترتيب البيت من الداخل ، فالولاية الشمالية اليوم كتبت صفحة جديدة في دفتر الدولة سيذكرها التاريخ بكل فخر .*
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
elbagirabdelgauom@gmail.com