مقالات

جمال عنقرة وسعد بابكر ، شكيتكم لي الله

 

همس الحروف

د. الباقر عبد القيوم علي

*مجادعة كانت في المدح وحفظ حق الآخر جمعت بين الأخ الأمير جمال عنقرة ، ورفيق الوفاء الأخ سعد بابكر ، وكأنها مطارحة شعرية بين أديبين ، تحمل الكلمة الطيبة والمواقف المشرفة ، والمحبة ، والإعجاب ، والاحترام المتبادل ، كأن كل واحد منهما أراد أن يسبق الآخر في رفع مقام صاحبه ، فكلاهما تسابقا في إثبات فضل الآخر .*

*عنقرة ذلك السارد البارع الذي لا نمل له حديث ، فإذا نطق صمت الجميع ليصغوا إليه ، فقد أضاء بكلماته المكهربة بالمحبة شخصية سعد بابكر ، فحديثه عن الرجل كان عبارة عن فصل في رواية عنوانها الوفاء .*

*وأما سعد بابكر ، ذلك الرجل الكريم الذي لا يضيع حقاً ولا يعرف للجحود طريق ، لم يرضَ إلا أن يُنصف عنقرة ويمنحه ما يستحق من التقدير والإعجاب ، بوصفه صديقاً ، ورمزاً للصحافة الجميلة البناءة .*

*وما بين هذا وذاك ، ولدت لحظة سودانية خالصة ، خالية من التملق وعامرة بالصدق ، لا يشوبها إلا عجز اللسان أمام كرم الروح وسمو النفس .*

*فجمال عنقرة يمتلك ناصية البيان ، فحينما يروي لنا عن أي قصة ، فكأنك تستمع لخرير نهر رقراق ، لا تمل حديثه أبداً ولو طال ، وإذا تحدث شعرت أن الكلمات تخرج من خلجات قلبه وليس من طرف لسانه أو حبر قلمه ، فيأسرك بلطف العبارة ، وصدق المعنى ، وعمق الفكرة .*

*وأما سعد بابكر ، فهو مدرسة أخرى في العطاء والوفاء ، لا يتحدث عن نفسه إلا عبر مرآة الجماعة ، حفاظاً على حقوق الذين شاركوه نجاح (تاركو) ، وذلك ليس بوصفها شركة مملوكة له ، ولكنها ككائن اعتباري حي يحمل روحه وروح شركائه ، وبكل نبل أصر على حفظ حق عنقرة ، وكأنه يزين صدره بوسام كلمات عنقرة التي قالها في حقه ، فسعد رجل لا تسع المساحة للحديث عنه ، فهو إذا أعطى لا يطلب شكراً ، وإذا مدح أحد رفع من شأنه بالتقدير قبل الكلمة .*

*وما بين هذا الوفاء وذاك السرد العجيب ، لا يفوتنا ذِكر القصة الظريفة التي رواها الأخ جمال عنقرة عن الأخ الجميل الأستاذ محمد الفاتح ، نائب رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين ، والتي أختصر فيها لسان حال الممدوح في عبارةٍ سودانية خالصة، ملأى بالرضا والامتنان : والله ما عارف أقول شنو .. بس خليتكم لي الله .*

*وإن كانت هذه العبارة قيلت في لحظة عجز عن التعبير ، فهي في هذا المشهد تلخص حالنا تجاه هذين الرجلين العظيمين ، بعد أن ضاقت بنا العبارة ، إتسعت لهما قلوبنا بالتقدير .*

*فمركز عنقرة للخدمات الصحفية، وشركة تاركو للطيران ، بما يقدمانه من عمل ضخم في خدمة الوطن لا نعدهما مؤسستين مملوكتين لجمال عنقرة أو سعد بابكر ، إذ أصبحنا نحن أيضاً شركاء فيهما ، لأنهما تجاوزا إطار الملكية الخاصة ، وأصبحتا مؤسستين وطنيتين خالصتين ، تقدمان خدماتهما لكل الناس بكل إخلاص وصدق ، كلٌ في مجاله .*

*وهما اليوم يمثلان جسوراً للمحبة والعطاء، وواجهتين مشرفتين للعمل المسؤول الذي يُبنى على القيم، ويثمر نفعاً عاماً يعبر حدود الأشخاص إلى عموم الوطن .*

*تقول جدتي رحمها الله إذا أحبت أحداً وأرادت أن تحفظ له موقف قام به ، معبرة عن غاية حبها له : والله فلان ده ما خلا لينا فرقة أي (مساحة) للزيادة شكيتو لي الله .*

*وأنا في هذه اللحظة أقولها لعنقرة وسعد ، شكيتكم لي لله… والله ما خليتوا لينا مساحة للكرم نطرقها من بعدكما ، فالفضل قد سبق ، والعطاء وُضع حيث يستحق ، والمواقف الكريمة سطرت قبل أن نصل نحن إلى سطر واحد .*

*حفظكما الله ورزقكما دوام العطاء بلا عناء ، فأمثالكما لا يُمدحون بالكلمات، ولكن وجب علينا أن نروى عنهما المواقف المشرفة .*
elbagirabdelgauom@gmail.com

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى