مقالات

حذر الفريق أول إبراهيم سليمان من دخول (البوت العسكري) إلى دارفور وقد تم تجاهل تحذيره ،ثم من بعد عقدين من الزمن دعا لتجنيب دارفور والبلاد الحرب الأهلية ولم يجد دعوته صدى وتكررت النتيجة التي توقعهما .

بقلم الصادق علي حسن

الفريق أول إبراهيم سليمان من ابناء دارفور القلائل الذين التحقوا بالقوات المسلحة السودانية منذ فترة مبكرة ، وكان قد تم قبوله بجامعة الخرطوم وبدأ بها الدراسة، وقبل ذلك تقدم للكلية الحربية وتم قبوله ايضا ، فترك مقاعد الدراسة الأكاديمية الجامعية والتحق بالجيش ، وترقى في الجيش إلى رتبة العميد . وعقب إنقلاب نظام الإنقاذ على الديمقراطية في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م ترقى ووصل إلى رئيس هيئة الأركان لدورتين كما وتولى وزارة الدفاع فوزارة الطيران . وتم اختياره واليا لولاية شمال دارفور . وفي عهد ولايته حاكما لولاية شمال دارفور اندلعت الحركات المسلحة في دارفور ، ومن منظور خلفيته العسكرية قام بتنظيم مؤتمر لبحث مطالب الحركات المسلحة والتي قسمها إلى شقين هما مطالب غير سياسية متعلقة بالديات وتم تقديرها بمبلغ ١٣٥ مليون جنيه سوداني كما ورد ذلك بالمذكرة المرفوعة من المجموعةالمسلحة المعنية والتي رفعتها وقتذاك . وقال الفريق أول إبراهيم سليمان من داخل مؤتمر الفاشر المذكور انه يرى أن تدفعها حكومة ولاية شمال دارفور ، وهنالك مطالب أخرى سياسية كان يرى أن تبحث مع حكومة المركز ، وحذر بشدة من دخول البوت العسكري إلى دارفور وكرر في تحذيره بأن البوت العسكري إذا دخل لن يخرج بسهولة ويحيل دارفور إلى خراب ودمار . لقد حضرت ذلك المؤتمر المذكور ،والذي انعقد بإسم مؤتمر الفاشر التشاوري لدارفور في ٢٥ فبراير ٢٠٠٢م على ما اذكر بمدينة الفاشر .لم أكن مدعوا لذلك المؤتمر، ولكن تلقيت إتصالا من نشطاء من المجتمع المدني من مدينة الفاشر كانوا من قوى المعارضة للجضور ، وبالفعل ذهبت وقام الناشط في المؤتمر وهو من رواد العمل المدني في دارفور المغفور له بإذن الله تعالى المرحوم علي ابوزيد علي، كما وهو من نشطاء المجتمع المدني السوداني البارزين وقام بتأمين بطاقة الحضور لي للمؤتمر المذكور وكنت مستمعا ومراقبا للمؤتمر من داخله .
من المنصة تمت تلاوة ورقة مطلبية ارسلت بإسم حركة تحرير دارفور وقد وصلت من المجموعة التي كان يقودها القائد عبد الله ابكر ، وتضمنت تلك الورقة مطالب بالديات لضحايا القتل الذي وقع جراء القتال بين مجموعات من الزغاوة قلا والعرب اولاد زيد (القائد عبد الله ابكر هو من قام باقتحام مدينة الفاشر بعد ذلك في ٢٠٠٣م ومات لاحقا متأثرا بجراحه) وحل محله في قيادة الحركة مدير مكتبه القائد منى اركو مناوي.

الدرس المستفاد من خطاب الفريق أول إبراهيم سليمان في ملتقى الفاشر التشاوري أن التقدير الصحيح للأمور وفي وقته المناسبة يأتي بالحل الصحيح المناسب . لقد دخلت دارفور مرحلة التمرد المسلح وقد كان يمكن للنظام معالجة المطالب بمقترح الفريق أول إبراهيم سليمان، كما ابتدار التحول السلمي الديمقراطي والرجوع للوضع الديمقراطي الصحيح .

الحرب الأهلية في دارفور .

قبل فترة من تمكن الجيش من استعادة مدينة ود مدني . وقد ظل الفريق أول إبراهيم سليمان يؤكد ولاءه للجيش وأن قبيلته هي الجيش . دعا بعض من المتحدرين من دارفور وكنت منهم وقال عليكم أن تتواصلوا إذا بالإمكان مع الدعم السريع ،فالوقائع تشير بأن الجيش سيستعيد ودمدني ،كما وسيخرج الدعم السريع من ولاية الخرطوم وسيذهب إلى دارفور وسيتمركز في دارفور، وفي مناطق بكردفان ، وستظهر بوادر الإنقسامات المجتمعية . فإذا لديكم القدرة على التحرك فافعلوا ذلك لأن الحرب في دارفور ستتحول إلى حروبات أهلية. لقد تلمسنا بأنها دعوة صادقة منه ، وأسسنا قروبا للتشاور لبحث الأوضاع في دارفور خاصة مدينة الفاشر المحاصرة، ثم من بعد ذلك التواصل مع كل ابناء السودان لبحث القضايا الأخرى من أجل تجنيب البلاد المزيد من مآلات الحرب والخراب والدمار . لقد ظل التشاور في مكانه كما بدأ . وتمكن الجيش من استعادة مدني ومدن ولاية الجزيرة والخرطوم. كما وذهب الدعم السريع إلى دارفور وتمركز بصورة أساسية هنالك وتم إعلان نيالا عاصمة لتأسيس.

قراءة الفريق أول إبراهيم سليمان في المرتين (الأولى والثانية) كانتا صائبة. ففي الأولى دخل البوت العسكري إلى دارفور ولم يخرج منه حتى الآن، وتعددت أحذية العساكر والمجموعات والحركات المسلحة، وأحالت دارفور إلى موت وخراب ودمار . كما وفي الثانية تمركز الدعم السريع بدارفور ،ومن النتائج ظهور بوادر التجزئة والتقسيم .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى