تأملات

حركات الكفاح .. السودان فوق رؤوسهم

تأملات

جمال عنقرة

كتب لي احد الأصدقاء رسالة تعليقا علي أحد مقالاتي حول حركات الكفاح المسلح، وقال في رسالته متسائلا (لمتين نشيل التزامات سلام جوبا فوق أكتافنا) فكتبت له (طول ما الحركات شايلة الوطن فوق رأسها) فكتب (الحركات دخلت المعركة بعد ٨ شهور) فوعدته انً اكتب له، وللذين لا يعلمون موقف حركات الكفاح المسلح قبل أن تندلع الحرب.

لعل الناس يذكرون يوم الجمعة ١٤/ ٤/ ٢٠٢٥م اليوم السابق للاشتعال الكبير للحرب الملعونة حيث كان الإفطار الرمضاني السنوي لعضو مجلس السيادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، ذاك اليوم صادف يوم افطار اخي وأستاذي وشيخي الدكتور عبد الله سليمان العوض، الرجل الذي تعلمنا منه دروسا عظيمة في الوفاء والانتماء والشجاعة، ومن مواقفه الخالدة عندي يوم مفاصلة الإسلاميين المشهورة في الرابع من شهر رمضان عام ١٩٩٩م، فوالي دكتور عبدالله الدكتور الترابي، فساله احد أقرانه من مؤسسي الحركة الاسلامية في السودان (البوقفك شنو مع حسن يا عبدالله بعد العملو فيك) فرد عليه النمر (واقف معاه رجالة كده)

فوفاء لدكتور عبد الله النمر، ورجالة كده، ضحيت بإفطار ابن اخي الأسد سعادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي وذهبت الي افطار الدكتور عبدالله سليمان العوض.

بعد الإفطار تحركت مباشرة الي النادي العالمي حيث افطار الفريق كباشي، فقابلت في الباب القائد مني أركو مناوي، فأخبرني انه يريدني في موضوع مهم، وسوف يتصل بي لاحقا ليشرح لي الموضوع، ووجدت في الداخل الاخ الدكتور جبريل ابراهيم، وقال لي ذات ما قاله القائد مناوي، ولكنه قال لي عزيز بشرح ليك، يعني اخاه الدكتور عبد العزيز عشر، فأخبرني عزيز انً القائد مالك عقار والدكتور جبريل والقائد مناوي والدكتور محمد عيسي عليو يتحركون بين قيادة الجيش وقائد الدعم السريع لنزع فتيل الأزمة قبيل الاشتعال. وأنهم يرغبون ان انضم اليهم، وبعد نحو ساعة من ذلك اتصل بي الدكتور محمد عيسي عليو، وقال لي ذات ما قاله دكتور عشر، وزاد عليه أنهم يرغبون في انضمامي لأنني قريب من قادة الجيش، ويرغبون ايضاً في ضم المهندس عبدالله مسار لانه قريب من قيادة الدعم السريع، فاتصلت بالمهندس مسار فقال لي كلاما غير مقبول تماما، فنقلت رأيه لهم، وابديت لهم اعتراضي علي وجوده في المجموعة ما دام يفكر بهذه الطريقة، فوافقوني الرأي واستبعدناه، وواصلنا مساعينا حتي بعد انفجار الحرب، وكنت متواصلا مع قادة الجيش، وكان دكتور عليو متواصل مع قيادات الدعم، وكان مناوي متواصلا مع الجميع، وتلك هي الفترة التي برز فيها شعار الحياد.

وهنا لا بد أن نذكر موقفا عظيما لحركات الكفاح المسلح، وبصفة أساسية حركة العدل والمساواة الأصل، وحركة/ جيش التحرير فلهم يعود الفضل في اخراج قادة الحكومة من العاصمة الخرطوم تحت وابل من الرصاص، وكان القائد ملك العظيم قد حكي لي كيف ان اابطل الجسور (أبو الرجال) الدي أرسله لهم الدكتور جبريل، وروي لي كيف تيسر للبطل ابو الرجال أخرجه ومعه ثلاثه من مرافقيه المصابين في سيارة صغيرة تحت وابل الرصاص، فنقلوهم اولا الي سنار ثم الي بورتسودان التي رشحوها عاصمة مؤقتة للبلاد، وفي بورتسودان تجلت عبقرية الدكتور جبريل وطاقمه المعاون في وزارة المالية وعلي رأسه الوكيل العبقري عبد الله ابراهيم، الذين استطاعوا توفير كل متطلبات الحرب وتسيير ديوان الدولة، وهنا لا بد من تسجيل كلمات شكر وعرفان في حق منظومة الصناعات الدفاعية الذين صرفوا علي الحرب بسخاء، وتحيات خاصة لأهل الشرق عموما، وأهل البورت بصفة خاصة الذين احسنوا استقبال واستضافة حكومة وأهل الخرطوم وكل أهل السودان وجميع البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإقليمية والدولية التي اختارت بورتسودان مقراً لها.

اما بالنسبة لموقف الحركات المسلحة من الحرب، فمعلوم للجميع انً السيد مالك عقار لم ينتظر استكمال مطلوبات سلام جوبا، فمجرد وصولهم الخرطوم سلم جميع مقاتليه القوات المسلحة، اما بقية الحركات فلم يثنها عدم اكتمال الإجراءات، ولم يحل الموقف الوسط الذي اتخذناه معا في محاولة لإطفاء نار الحرب قبل اكتمال اشتعالها، لم يثنهم دفع قواتهم لصفوف القتال الأمامية مع الجيش والقوات المسلحة والمستنفرين والبرائين في كل جبهات القتال، في مصفاة الجيلي، وفي جبل موية وسنار والنيل الأزرق ومدني وفي الصياد وفي فاشر السلطان.

وفي الوقت الذي يهرب فيه كثيرون من المدن الامنة الي خارج الأوطان بحثا عن مزيد من الأمن والأمان، فان حركات الكفاح المسلح تستنفر عضويتها من امريكا واوربا واسيا وأفريقيا للعودة الي السودان وتقدم الصفوف قتالا دفاعا عن الأرض والعرض والمال والنفس والولد والدين، والذين لم ياتوا بعد يسعون بهمة وقوة لجمع المال سندا للمقاتلين ودعما للذين شرّدتهم الحرب الملعونة من ديارهم وأوطانهم، وهذا قليل من كثير من الذي يحمله أبطال المشتركة في رؤوسهم وفاء لدين مستحق للأهل والوطن.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى