
دماء الشهداء… وقود معركة الكرامة
شئ للوطن
م.صلاح غريبة
Ghariba2013@gmail.com
في مقبرة شهداء القوات المسلحة، يقف الفريق أول عبد الفتاح البرهان، القائد العام للجيش السوداني، ليقدم واجب العزاء في الشهيد مهند الفضل. هذا المشهد، الذي قد يبدو روتينياً في زمن الحرب، يحمل في طياته رسائل عميقة ومعاني تتجاوز حدود اللحظة. إنه ليس مجرد عزاء، بل هو تجديد للعهد، وتأكيد على أن المعركة مستمرة، وأن ثمن الحرية والكرامة يُدفع بدماء الأبطال.
“المعركة مستمرة وسنثأر للشهداء والشعب السوداني”، بهذه الكلمات الموجزة، لخص البرهان جوهر الصراع الدائر في البلاد. هذه ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي معركة وجود، صراع بين من يريدون بناء دولة مؤسسات ومن يريدون تدميرها. إنها حرب كرامة، يواجه فيها الجيش الوطني ومعه الشعب السوداني بأسره مليشيا وصفها البرهان بأنها “إرهابية”. هذا الوصف، الذي لم يأتِ من فراغ، يعكس حجم الدمار والخراب الذي ألحقته هذه المليشيا في البلاد، من قصف للمستشفيات، ونهب الممتلكات، وترويع للمدنيين.
في خضم هذا الصراع، تبرز قيمة الشهادة كرمز للتضحية والفداء. فالشهيد مهند الفضل، وغيره من الشهداء الأبرار، لم يضحوا بحياتهم من أجل هدف شخصي، بل من أجل قضية نبيلة هي حماية الوطن وصيانة كرامة أهله. “نعاهد الشهداء بأن الراية لن تسقط”، هذا العهد ليس مجرد كلمات، بل هو وعد بالاستمرار في القتال حتى تحقيق النصر الكامل. إن دماء الشهداء هي الوقود الذي يشعل جذوة المقاومة، وهي النور الذي يضيء طريق النضال.
لقد أكدت تصريحات البرهان على الدور المحوري الذي يلعبه الشباب في هذه المعركة. فهم ليسوا مجرد وقود للحرب، بل هم حماة المستقبل. إن تصديهم للمليشيا في أماكن مثل المدرعات، التي تحولت إلى “مقبرة للجنجويد”، يؤكد أن إرادة الشعب أقوى من أي قوة غاشمة. هذا الشباب، الذي كان يوماً ما هدفاً للمليشيا، أصبح اليوم رأس حربة في الدفاع عن الوطن.
إن المعركة مستمرة، والنصر حليف الشعب السوداني. إن القوات المسلحة، بمعنوياتها العالية وعزيمتها الصلبة، ومساندة شعبها الأبي، قادرة على حسم هذه المعركة ودحر التمرد. فكما قال البرهان: “الشعب السوداني لن يقبل بالتمرد أو من يدعمه”. هذه الكلمات ليست مجرد شعار، بل هي تعبير عن إرادة شعب يرفض الاستسلام ويرفع راية الكرامة.
في النهاية، يبقى واجب العزاء في الشهيد مهند الفضل تذكيراً بأن ثمن الحرية باهظ، وأن دماء الشهداء ليست مجرد ذكرى، بل هي عهد متجدد على المضي قدماً نحو سودان حر ومستقر.