الأعمدةتأملات

د.جبريل .. ارفع رأسك .. انت بطل

تأملات
جمال عنقرة

لا أقول اني سعدت، لكنني لم افزع كما فزع كثيرون للعقوبات الجائرة التى فرضتها الحكومة الأمريكية علي اخي المجاهد الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية، رئيس حركة العدل والمساواة، احد اهم الأبطال البارزين لمعركة الكرامة، ذلك ان هذه العقوبات الظالمة من تلك الحكومة الجائرة المتكبرة شهادة حق اخري، وتعزيز للموقف الوطني المشرف للأخ الدكتور جبريل، ثم ان السيرة والمسيرة للأخ جبريل تؤكد انه رغم حلمه، وصبره، وطول باله، وأنه ما خير في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، لكنه إذا فرضت عليه المواجهة فهو ليث هصور، كيف لا، وهو من اصلب العناصر لأصعب المواقف.
اذكر عندما حدثت فتنة الإسلاميين المشهورة في رمضان العام ١٩٩٩م، وادّت الى انشقاقهم إلى حزبين وطني وشعبي، لم يعلن جبريل انضمامه للمؤتمر الشعبي، رغم موقفه المتضامن مع الشعبيين، والشيخ الترابي له الرحمة والمغفرة، وظل يؤدي عمله بمهنية عالية في شركة عزة للطيران الحكومية، إلى ان صدر قرار باقالته، وحتى هذا لم يدفعه لإعلان الانضمام للمؤتمر الشعبي، ولم يذهب إلى حركة العدل والمساواة التي أسسها شقيقه الأصغر الشهيد دكتور خليل، وإنما هاجر الى دولة الإمارات وأسس شركة للنقل الجوي حققت نجاحات باهرة في فترة وجيزة، إلا ان اكتشافه لتآمر بين أجهزة الأمن السودانية والإماراتية يسعي لتوقيفه وترحيله إلى السودان كما حدث للعميد عبد العزيز خالد، اضطرّه إلى مغادرة دبي بليل، تاركا كل ما حقق فيها من إنجازات، وهاجر الى بريطانيا، ولم يكن أمامه خيار سوي إعلان الانضمام إلى حركة العدل والمساواة، ولقد كنت قريبا من هذا المصير في تلك الفترة، عندما ضيقت علي الأجهزة الأمنية الخناق في السودان، وصادرت بعض ممتلكاتي، وأرهقتني بالضرائب، واصدرت قرار مفصل علي شخصي الضعيف، اغلقت بموجبه مراكز الجامعات الولائية في الخرطوم، وكان لدي مركز في ام درمان تابعا لجامعة الامام المهدي به اكثر من خمسة الآلف من الطلاب، فسافرت إلى مصر، وكنت انوي الانطلاق منها إلى الانضمام إلى حركة العدل والمساواة، وحمل السلاح، ولكن قدر الله ان وجدت في القاهرة اخي المرحوم السفير ادريس سليمان نائبا لرئيس البعثة الدبلوماسية السودانية في مصر، فلما فاتحته بما انوي عليه، قال لي ذلك لا يستقيم مع تاريخي الذي يقوم كله علي السعي للتوافق، وإطفاء الحرائق، فصرفت النظر عن الفكرة، واحتسبت مطالمي الشخصية، حتى لا أزيد من تعميق جراح الوطن.
ولما بلغ التوتر درجة عالية بين الجيش والدعم السريع قبيل اندلاع الحرب، سعي دكتور جبريل مع السيد عقار، والقائد مناوي، والدكتور محمد عيسي عليو، وشخصي لنزع فتيل الأزمة، وتواصلت مساعينا حتى بعد ايام منّ الاشتعال، ولما استبان الموقف، وتمايزت الصفوف، لم يتردد جبريل، ولم يتلجلج، فاعلن موقفا واضحا مع جيش الوطن، واستجاب إلى دعوة الشيخ المجاهد التوم هجو للهجرة الى سنار، وأخرج معه كثيرين من قيادات الدولة، وراي ببصيرته الصائبة ان مدني لن تكون في مأمن من هجمات المليشيا، فقاد الحكومة الى بورتسودان، وكان له الفضل الكبير من بعد الله تعالي، في صمود الدولة، وبقاء الجهاز الحكومي فاعلاً، ثم قاد مع اخوانه في حركات الكفاح المسلح، تلاحم قواتهم مع الجيش والقوات النظامية الاخري والمجاهدين، والمستنفرين من كل أهل السودان، في كل بقاع السودان، ولم يثنه واخوانه في القوات المشتركة عن تقدم الصفوف في معركة الكرامة، ما يتعرضون له من تخذيل وتخوين، وطعن من الخلف، من بعض ادعياء وأولياء الحكومة، ذلك أنهم يقاتلون من اجل الوطن، وليس من اجل الحكم، والعقوبات الأمريكية الطالمة التي صدرت في حقه، بسبب هذا الموقف الوطني المشرف، ولأنه لم يستجب لكل نداءات الإمالة والاستمالة لصف التمرد والخيانة، تحت شتي المسميات والمظلات.
واقول لك في الختام اخي العزيز الدكتور جبريل سر وعين الله ترعاك، وارفع رأسك فأنت بطل
وطني شريف، وكل الشعب السوداني يعرف ويقدر مواقفك البطولية المشرفة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى