الأعمدةشيئ للوطن

صرخة “اللويب”: إرهاب في سرادق العزاء

شئ للوطن

م.صلاح غريبة – مصر

في ظل استمرار الحرب اللعينة التي تمزق أوصال البلاد، تتوالى فصول الجرائم المروعة التي ترتكبها مليشيا التمرد الإرهابية، مستهدفة الأبرياء العزل دون وازع من ضمير أو التزام بقانون. إنَّ الحدث الأليم الذي استهدف مواطنين مسالمين في قرية اللويب بإدارية خور طقت شرق مدينة الأبيض ليس مجرد حادث عابر، بل هو جريمة حرب مكتملة الأركان ووصمة عار جديدة تُضاف إلى سجل هذه المليشيا الدموي.

لقد كان المشهد مؤلماً ومخزياً: مواطنون يتواجدون في سرادق عزاء، يؤدون واجبهم الإنساني ويشاركون أهل الفقيد أحزانهم، ليجدوا أنفسهم هدفاً لطائرة مسيرة غادرة. هذا الاستهداف المتعمد لمدنيين عزَّل، في مكان يُفترض أن يكون آمناً ومقدساً كالتعزية، يعكس مستوى من البربرية والتجرّد من الإنسانية لم يعد ممكناً السكوت عنه أو تبريره. لقد خلَّف هذا الهجوم الغاشم عشرات الشهداء والجرحى والمصابين، بما فيهم نساء وأطفال وشيوخ، في مشهد يتكرر منذ بدء هذه الحرب، مؤكداً أن الاستهداف الممنهج للمدنيين هو عقيدة ثابتة لدى هذه المليشيا.

إنَّ طبيعة هذا الاعتداء، الذي استخدمت فيه طائرة مسيرة لاستهداف تجمع مدني، تؤكد أن المليشيا تمارس أفعالاً إرهابية بامتياز. استمرار استهداف الأبرياء، وارتكاب “أفظع الجرائم والانتهاكات” ضد المواطنين العزل، يكشف عن دوافع عميقة قد تكون عرقية واثنية، وهي دوافع تهدد النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي للبلاد بأكملها.

لم يعد يكفي مجرد الإدانة والاستنكار المحلي. لقد حان الوقت لأن ينظر المجتمع الدولي إلى هذه الجرائم بعين الاعتبار والجدية اللازمة. يجب أن تتوقف سياسة الكيل بمكيالين أو الصمت المريب تجاه هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. إنَّ المناشدة الموجهة إلى المنظمات الأممية والهيئات الدولية ليست مجرد نداء عاطفي، بل هي مطلب قانوني وأخلاقي عاجل للقيام بواجبها كاملاً.

إنَّ تراكم هذه الجرائم، من القتل العشوائي إلى انتهاك الحرمات وسفك الدماء، يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية: التصنيف الفوري والحاسم لهذه المليشيا كمنظمة إرهابية بربرية. هذا التصنيف ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو خطوة عملية تفتح الباب أمام آليات الردع والمحاسبة الدولية، وتضييق الخناق على مصادر دعمها وتسليحها.

إنَّ حماية المدنيين العزَّل هي الواجب الأسمى في أي صراع، وعندما يصبح استهدافهم منهجاً ثابتاً، يتحول الصراع إلى حرب إبادة وشرذمة. يجب أن تُتخذ إجراءات عاجلة وحاسمة لردع هذه المليشيا الباغية الإجرامية، وتقديم كل من تورط في هذه الجرائم إلى العدالة الدولية، حتى لا يبقى دم الأبرياء يسفك دون عقاب.

في الختام، وإذ نترحم على الشهداء الكرام الذين سقطوا في قرية اللويب، سائلين الله أن يسكنهم فسيح جناته، فإننا نؤكد أن صرخة هذا العزاء لن تذهب سدى. إنها صرخة تُضاف إلى آلاف الصرخات، مطالبةً بوقف هذه الحرب العبثية وإحقاق العدل.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى