الأعمدةتأملات

فاروق الزاهر .. حسن الختام

تأملات 

جمال عنقرة

 

كنت أتحدث صباح اليوم مع ابننا زاهر علي يوسف مدير مركز عنقرة للخدمات الصحفية عن شأن يخص الابن الحبيب فاروق الزاهر، وبعد اقل من نصف ساعة ارسل لي زاهر تفيد استشهاد فاروق الزاهر،

ونشأتنا الكردفانية، وتربيتنا الإسلامية. جعلتا وقع الخبر عندي مختلفا، فأهل كردفان مهما كانت صدمة خبر أي وفاة، فان تعليقهم دائما واحد (جايز) أي انً الموت جايز علي كل إنسان. وتربينا في الحركة الإسلامية رسخت لنا معني علي ان الموت في سبيل الله أسمي امانينا، ومن لم يجاهد، ولم تحدثه نفسه بالجهاد مات ميتة جاهلية، ومعرفتنا اللصيقة لكثيرين من الذين استشهدوا تعزز عندنا اصل الشهادة، وانهاء اصطفاء من الله تعالي، وليست مجرد سعي وطلب، وكل من اختارهم الله شهداء كانوا أفاضل مجتمعاتهم.

ومن شهداء القصر الجمهوري يوم التحرير العظيم صباح اليوم الجمعة اول الايام العشرة الختام المباركات، لشهر رمضان المعظم اعرف منهم معرفة عميقة الشهيد فاروق الزاهر، ومعرفتي بالشهيد عمرها اكثر من ثلاثين عاما، تحديدا في العام ١٩٩٢م في مكتبة منتدي الصحافة التي أسّسناها في ذاك العام مع اخي الاستاذ محجوب عروة، وكان يديرها اخي الراحل الاستاذ حسن البطري، وكنا قد طرحنا مبادرة لتكوين مكتبة منزلية بالتقسيط، وكان فاروق لا يزال طالبا في السنة الأولي الجامعية، وجاء يطلب مكتبة بالتقسيط، فأرسله لي الأخ البطري للنظر في شأنه وهو لا يملك أي ضمان، وليس لديه مصدر دخل ثابت، فقلت لحسن ضمانه رغبته، ورصيده سمته، فمنحناه الكتب التي طلبها، واشهد انه كان الأكثر التزاما بسداد الاقساط الشهرية، الي ان تمت مصادرة المكتبة بمنطق (الأعور الجنبك) وتلك قصة طويلة يجد القراء تفاصيلها في كتابي المرتقب بإذن الله تعالى (الحصاد .. ملامح من تاريخ شعب ومسيرة أمة) ومنذ ذاك اليوم لم تنقطع صلتي بالزاهر حتي اليوم الذي ارتقت فيه روحه الطاهرة الي بارئها شاهدة علي صلاح وفلاح هذا الرجل الزاهر، واذكر بعد أيام قليلة من معرفتي به أتاني يحمل لي شريط كاسيت لأول انتاج لفرقتهم الانشادية التي أسّسوها في ذاك العام ١٩٩٢م مع مجموعة من زملائه الطلاب، وكانت عملا مميزا فخيما، واقول ذلك وانا صاحب تجارب في مجال الفنون عموما، ومنذ ذاك الرمان، انطلقت مسيرة فاروق الزاهرة في مجال الإبداع خدمة للدعوة والدين والوطن، وان يختاره الله في هذا اليوم، يوم النصر العظيم، وفي هذا المكان القصر الجمهوري، رمز العزة والكرامة، فذلك تتويج لهذه المسيرة القاصدة لله والوطن، بحسن الختام، وما أحسنه ختام.

نسأل الله الرحمة والمغفرة لفاروق ورفقائه شهداء معركة القصر الحاسمة، وان ينزلهم منزلا طيبا مباركا، ويسكنهم فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى