ثقافة وفنون

من ذاكرة الفن السوداني الشاعر حميدة أبو عشر  

 

إسمه حميدة احمد عثمان ، ولد عام 1931م بمدينة ابو عشر ، نشأ وترعرع فيها وقضى فترة دراسته الاولية ، بها ثم أنتقل إلى مدينة ود مدني ليعمل بها صبي نجار في مدرسة حنتوب الثانوية في عام 1943م ، واستمر بالعمل بها حتى عام 1947م حيث اصبح نجارا محترفا ، والذى تم في اواخره افتتاح مدرسة ثانوية جديدة فى مدينة الحصاحيصا ، وكانت هناك حاجة ماسة إلى حرفيين لتجهيز الكراسي والادراج للتلاميذ الجدد ، فنقل حميدة ابو عشر من حنتوب إلى مدرسة الحصاحيصا الثانوية ، وذهب وهو طاوي الماضي الجميل في حنتوب فى صدره وعائشا على صدى الذكرى ، متحسرا على ايامه الزاهيات وذكرياته العطرات ، فتدفق شعرا مودعا حبيبته حنتوب بقصيدته الخالدة ( وداعاً روضتي الغنا ) .

وداعاّ معبدي القدسي

طويت الماضي في قلبي

وعشت على صدى الذكرى

وهذا الدمع قد ينبي

بظلم المهجة الحيرى

لماذا الهجر يا حبي

لماذا دهرنا ضنّ

وشبع روحي باليأس

نسيت الماضي يا ليلى

ماضي الحب والطهر

ليالي نقطع الليل

بحلو النجوى والشعر

نسيتي ليلى إذ كنا

نُفدي النفس بالنفس

أظل أردد الشكوى

على ما نلت من وجد

حبيب الروح لا أقوى

على حمل الهوى وحدي

ولما لم أجد سلوى

كسرت ابريقي والدن

وسكبت على الثرى كأسي

وداعاً روضتي الغنّا

وداعاّ معبدي القدسي

 

في عام 1950م سافر حميدة أبو عشر إلى مدينة الخرطوم وعمل بمصلحة التشييد والمباني ، وفي تلك الحقبة تفتقت ابداعاته الشعرية ، والتقى مع الفنان المبدع وسيد ساحة الغناء الحديث في ذاك الوقت ( الحاج عبد الحميد يوسف ) فاهداه قصيدة لا تزال خالدة إلى يومنا هذا ، ويقال أن هذه القصيدة نظمها ( حميدة ابو عشر ) في فتاة قبطية ، وتقول القصة أن شاعرنا كان يجلس في مقهى ( جورج مشرقي ) وأتت تلك الفتاة القبطية وكانت جميلة فنظر إليها ( حميدة ابو عشر ) نظرات طويلة ، وعندما أنتبهت الفتاة لنظراته اظهرت غضبها ، فكانت (غضبك جميل زي بسمتك ) التي ابدع ( عبد الحميد يوسف ) في تلحينها وسجلها على أسطوانة ، فنالت شهرة لدرجة ان هذه الاسطوانة اصبح لها مكان ثابت في فترات الاستراحة في جميع دور السينما في العاصمة ، وبهذه الاغنية أطلق خانجي علي ( عبد الحميد يوسف ) لقب ( مطرب الجماهير ) واصبح حميدة ابو عشر واحدا من شعراء القمة في مجال الاغنية الحديثة ، وصاحبتها حسناء قبطية كانت تجلس في سنتر ما كان يسمى بـ( سوق الموية) حلواني ( جورج مشرق ) ملتقى أهل الفن وكان الشاعر حميدة أبو عشر قد نظر إليها مرات معجباً بجمالها ولكنها أظهرت غضبها .

على كل حال شكلك بديع

غضبك جميل زى بسمتك

حكم الغرام بتذللي

حكم الجمال بتدللك

الإشتياق والإحتراق والوجد لي

والإبتسام والإنسجام والحسن لك

عجبا ًتكون قاسي ووديع

على كل حال شكلك بديع

غضبك جميل زى بسمتك

نظرة عيوني لمحنتي

سحر الجمال في بهجتك

خايف خدودك تنجرح من نظرتي

خايف فؤادي يدوب حنان من نظرتك

يا آية المعنى الرفيع

على كل حال شكلك بديع

غضبك جميل زى بسمتك

كيف الخلاص يا دنيتي

ما بين خضوعي وجبرتك

أراك قريب لكن بعيدا عن بغيتي

من بعد ما أوقعتني في فتنتك

جرت وجفيت وجفاك مريع

على كل حال شكلك بديع

غضبك جميل زى بسمتك

 

نعود لشاعرنا حميدة ابو عشر الذي كان بطبعه لا يحب الاضواء ، وكان معظم امسياته يقضيها مع رائد النهضة الغنائية الحديثة ( عبد الحميد يوسف ) الذى تتلمذ علي يديه الفنان ( عثمان حسين ) ، فقد بدأ عثمان حسين حياته الفنية كعازف عود مع ( عبد الحميد يوسف ) ولم يضن شاعرنا على صديقه ( عبد الحميد يوسف ) فبعد أن كتب له ( غضبك جميل زي بسمتك ) اهداه أغنية ثانية ( رمز الضياء ) .

رمز الضياء

انت الحياة

محبوبي يا كل الجمال

رمز الضياء

يا سمى البدور معنى وصفه

وروح النسيم رقـه و صَـفا

أنا في معبد هواك

رتلت مزمار الوفا

شاهدت آيات مدهشات

عجز الخيال أن يوصفا

فُـتـَن الطبيعة كما هي

بالنسبة لي حسنك ظلال

انت الحياة

محبوبي يا كل الجمال

رمز الضياء

يا من سميت في المستوى

ارحم عذاب قلبي الهِـِوى

من ما هواك

في مهالك الاهوال هَـوى

وشرب العذاب

كاسات دهاق حتى ارتوى

لكن تأكد غير ريا

إخلاصي يا حلو الخلال

انت الحياة

محبوبي يا كل الجمال

رمز الضياء

أنا كم أقول صبحِي ومسا

ليت َ ولِـمَا وهلْ لو عسى

مرات أقول هم ضللوك

مرات أقول جافا ونسى

ضاع الأمل بعد الرجا

وبعد الحنان قلبك قسى

اتمادى زيد في الكبرياء

وتيه واستزيد سلواك محال

انت الحياة

محبوبي يا كل الجمال

رمز الضياء

 

توفي حميدة ابو عشر في مدينة الأبيض عام 1994

له الرحمة والمغفرة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى