الأعمدةتأملات

نعم للحوار والتفاوض .. ولكن!

تأملات 

جمال عنقرة

 

اختلف القراء الكرام حول مقالي السابق (التفاوض مع العدو .. بين نعم ولا) فبينما أيد كثيرون دعوتي للحوار المباشر الصريح مع كل الاعداء الداخليين والخارجيين، الإقليميين والدوليين، بشروط واضحة واهداف معلنة، رفض اخرون الفكرة جملة وتفصيلا، فهولاء لا يقبلون اي حوار مع المليشيا، ولا مع الداعمين الداخليين، ولا الشركاء ولا الحواضن، ولا الدولة الراعية، ولا الذين يقفون خلفها، ولا الرعاة الكبار، ويشمل هذا الرفض المطلق الدعم السريع و قحت وتقدم وتأسيس والإمارات وأمريكا واسرائيل، ومثل هذا الرفض يجافي أصول الدين وتقاليد السودانيين، فلم يذق احد أذي مثلما ذاق الرسول صلي الله عليه وسلم من مشركي مكة، ومع ذلك عندما دخل مكة منتصرا، وهم جلوس أذلة خانعين، قال لهم اذهبوا فأنتم طلقاء، ومعلوم أن اصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم افتتنوا بعد وفاة الرسول، وتنازعوا الحكم، واحتربوا، وقتل بعضهم بعضا، وبينهم مبشرون بالجنة، وكانت عائشة ام المؤمنين في طرف، وفي الطرف الآخر ابن عم رسول الله وخليفته الرابع علي بن ابي طالب رضي الله عنهما، ولم يجرؤ احد علي اتهام طرف في دينه، ولا في انتمائه، فتلك أمور اجتهادية المخطئ والمصيب كلاهما مأجور، وفي تاريخ السودان الحديث غزا المعارضون العاصمة القومية من خارج السودان، واستعانوا بدول اجنبية احتضنت ومولت، ودربت، ودارت المعارك في شوارع الخرطوم، وسقط قتلي وشهداء من الجيش الحكومي، ومن جيش المعارضة، ومن المواطنين، وبعد شهور قليلة من اشتجار الرماح، تذكر المتقاتلون وشائج الأرحام، ففاضت دموعهم، واستقبل رئيس الحكومة المشير جعفر نميري، زعيم المعارضة الامام الصادق المهدي، في بورتسودان، ووقعا اتفاق المصالحة الوطنية الساعة ٧ شهر ٧ عام ٧٧ وبدات صفحة جديدة من تاريخ السودان.

ان الذين اشعلوا نار الحرب في السودان والذين أوقدوا نارها، والذين زادوها اشعالا واشتغالا، ارتكبوا اخطاء جسيمة في حق انفسهم، وحق الشعب، وحق الوطن، ولكن الله تعالي جعل باب التوبة فاتحا مفتوحا، وأوصانا الرسول صلي الله عليه وسلم أن نعين اخواننا علي الشيطان، ولا نعين الشيطان عليهم، وكل فتح لباب من أبواب الحوار الوطني الصادق إعانة علي الشيطان، وغلق منافذ الحوار دعم للشيطان، بل هو عمل من أعمال الشيطان،

وابواب الحوار يجب ان تفتح للجميع ومع الجميع، وتكون علي الملا في الهواء الطلق، وعلي أسس ثابتة ومعلومة، وتستند علي ثوابت وقيم الشعب، وتدفع بنا الي الامام، ولا تعيد عجلة التاريخ الي الوراء،

أما بالنسبة للكفيل دولة الإمارات ومن خلفها اسرائيل وأمريكا فهم وقود المعركة ضد السودان وزادها وعدتها وعتادها، ولن تقف الحرب ما لم يقف سيل الامداد للمليشيا، ولن يقف هذا الدعم والإمداد بغير اتفاق مع الكفيل والرعاة، ولن يتحقق هذا الاتفاق إلا بالحوار الواضح الشفاف الذي تقوده قيادة الدولة بسند من الشعب، والشعب لا يسند شيئا لا يعلمه، ولا يعرف خفاياه وتفاصيله.

الان تأكد للناس ان التواصل بين قيادات الدولة والأعداء والكفيل والرعاة لم ينقطع أبدا، ولا أطن انه سينقطع، ولا نريد له أن ينقطع، فقط نريد الصراحة والوضوح من ان اجل ان تطمئن قلوب الشعب، ويتأكد ان الأمر ليس فيه بيع ولا خيانة ولا عودة للوراء.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى