
الحرب انتهت .. هلموا إلى الجهاد الأكبر
تأملات
جمال عنقرة
ليس لأن قواتنا المسلحة والقوات النظامية الأخري والقوات الخاصة ودرع السودان، قد دخلوا قلب الجزيرة النابض مدني منبع الحرية عنوة واقتدارا، وحرروها من دنس مليشيا التمرد الاوباش فقط، ولا لأن القوات زحفت من الجزيرة صوب العاصمة الخرطوم، ولا لأن القوات جنوب الخرطوم قد تجاوزت الشقلة وجامعة أم درمان الإسلامية، وصارت الصالحات قاب قوسين أو أدني، ولا لأن الصياد قد أحكم الحصار علي مسقط رأسي أم روابة عروس النيم، ولكن مظاهر انتهاء الحرب في السودان كثيرة، وهي عندي انتهت منذ ساعاتها الأولي يوم فجر الغدر والخيانة، يوم الخامس عشر من شهر أبريل عام ٢٠٢٣م، وكانت النهاية بدماء أبطال القوات المسلحة الخمسة وثلاثين سرية الجهاد والاستشهاد، الحرس الرئاسي الذين ضموا بارواحهم من أجل افشال المخطط الخبيث، ثم توالت بعد ذلك ملاحم النصر المجيد،
أعظم تلك الملاحم كانت امتحانات الشهادة السودانية التي تجلت فيها عظمة وارادة هذا الشعب العظيم، وهي ارادة جماعية من قيادة الدولة العليا، وكل العاملين في مجال التعليم، والطلاب وأسرهم، وكل الشعب السوداني، وقبل الشهادة السودانية كانت هناك ملاحم بطولية عظيمة كثيرة، في مقدمتها استرداد بيانات السجل المدني، ومسجل عام الشركات وأسماء الأعمال وبيانات المصارف والبنوك، وخدمات شركات الاتصال وبياناتها، والاذاعة القومية والتلفزيون، وغيرها مما حاول الغزاة محو آثاره، وآخر ذلك الخطاب التاريخي الذي ألقاه قبل ساعات رجل الدولة الأمة الملك عقار، خطاب اختصره في انه خطاب عودة الروح.
الحرب العسكرية بالنسبة لي انتهت، وأمامنا الآن حرب التأسيس والبناء والتنمية، ويحضرني في هذا المقام علي الدوام قول الرسول صلي الله عليه وسلم “عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر” ولن نفلح في اجتياز هذه المرحلة الأصعب ما لم نهتدي بنهج النبوة الصالح، الذي لا يضل من تمسك به.
وأول مطلوبات المرحلة القادمة توحيد الصف خلف القيادة الملهمة، والصف المطلوب وحدته وتماسكه هو القوي الوطنية التي اصطفت خلفت القوات المسلحة في معركة الكرامة، والقيادة تمثلها قيادة مجلس السيادة وحركات الكفاح المسلح، والأجهزة الأمنية والقيادات الفاعلة، وهذه القيادات ليسوا علي قلب رجل واحد، ولن يكتب لهم الفلاح هكذا، فلا بد من تصفية النفوس قبل توحيد الصفوف.
هناك أوضاع شاذة كانت سببا اساسيا لكل ما جري، هي وجود قوات موازية خارج القوات النظامية، ولقد وجدت دعما وتسليحا لم تجده القوات النظامية، هذا الأمر يجب أن تتم معالجته معالجة جذرية، فلا مجال لبقاء قوات خارج القوات النظامية، ولا مجال لأي تسوية تبقي الدعم السريع في المشهد العسكري أو السياسي، ولكن هناك أمور ترتبط بذلك يجب النظر اليها بحكمة، فالتمرد ليس له قبيلة ولا جهة، فيجب ألا يضار شخص أو جماعة بسبب انتماء قبلي أو جهوي، دون جريرة ظاهرة، أمر اخر أن بعض القوي السياسية أخطأت الحساب، وناصرت المليشيا سياسيا، هذه يجب أن نعينها علي الشيطان، ولا نعين الشيطان عليها.
بالنسبة لمواقف الدول، فإن دولة الإمارات وحدها تتحمل وزر الدعم الكامل للمليشيا وعليها أن تتحمل كل تبعات ذلك، دول أخري قدمت دعما وتسهيلات للمليشيا ولكن أغلبها – أن لم يكن كلها – مغلوب علي أمرها، فيجب ألا نعاملها معاملة المعتدي المتعدي الأصيل.