
تتعرض لتدمير واسع في كتلتها البشرية،،الدعم السريع،، خسارة المشروع، والحواضن
ضربات متلاحقة هدّت دفاعات الميليشيا، وأبطلت قدراتها القتالية..
تعرض الميليشيا لضربات قاتلة من سلاح الجو، الجثث في كل مكان..
خديعة سياسية، دفعت الميليشيا ثمنها بإزهاق مئات الألاف من الأرواح..
قور: ماهرية الدعم السريع، نفَّذوا إبادة جماعية في صفوف المسيرية..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
تتعرض القوى البشرية لميليشيا الدعم السريع المتمردة في هذه الأيام إلى عمليات تدمير واسعة في محور كردفان، حيث تكبّدت الميليشيا خسائر فادحة في الأرواح والأنفس والعتاد، في معارك ضارية خاضتها القوات المسلحة والقوة المشتركة والقوات المساندة لها من المستنفرين وكتائب المجاهدين، الأمر الذي انعكس على انهيار خطوط الميليشيا الدفاعية وتراجع قدراتها القتالية بصورة غير مسبوقة، ولقي العديد من القيادات الميدانية المؤثرة لميليشيا آل دقلو حتفهم، في مشهد قد يعجِّل بالنهاية المحتومة لميليشيا الدعم السريع، خاصة مع تصاعد الضغوط العسكرية وفقدانها الحواضن الاجتماعية والسياسية، ما يجعل قدرتها على الاستمرار في الحرب أمراً أقرب إلى المستحيل.
تدمير الكتلة البشرية:
ومنذ اندلاع تمردها في الخامس عشر من أبريل 2023م، فقدت ميليشيا الدعم السريع مئات الألاف من عناصرها في مختلف محاور وجبهات القتال سواءً في العاصمة الخرطوم، أو في وسط البلاد في محاور الجزيرة وسنار والنيل الأبيض، ومن لم يمت في ميادين القتال لقى حتفه خلال محاولة الهروب والعودة إلى معاقل الميليشيا في كردفان ودارفور، فقد كشفت مصادر ميدانية عن وجود ما لا يقل عن سبعة ألاف جثة ملقية على طريق الصادرات أم درمان – بارا – الأبيض، هذا فضلاً عن الفيديو الذي كان قد نشره المجاهد دكتور ناجي مصطفى وهو يرصد ألاف الجثث التي تم ” تكييسها” على طريق الخرطوم – الفاشر.
انهيار عميق:
وتعكس مشاهد الجثث الملقية على طرق المرور السريع سواءً بطريق الصادرات، أو طريق الفاشر عن تعرض ميليشيا الدعم السريع لضربات قاتلة من قبل سلاح الجو أثناء هروبها، ومحاولة وصولها إلى حواضنها في إقليمي كردفان ودارفور، ويرى مراقبون أن هذا التدمير الكبير في صفوف ميليشيا الدعم السريع يمثل محطة فارقة تكشف عمق الانهيار الذي يواجه “المشروع الهلامي” الذي قاده محمد حمدان دقلو، وتعكس هذه الصور المروعة زيف الادعاءات التي ظلت تطلقها الميليشيا بسيطرتها على معظم البلاد، وقدرتها على فرض مشروع “السودان الجديد” بيد أن الواقع الذي اتضحت حقيقته هو أن ميليشيا الدعم السريع وجدت نفسها في مواجهة محرقة بشرية، دمّرت قوتها الصلبة، وأفشلت مخططها اللئيم.
خديعة كبرى:
لقد ظل قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو، يتشدَّق منذ اندلاع الحرب، ويروّج لرواية تقوم على محاربة ” الكيزان” و ” فلول النظام السابق” وحماية الديمقراطية، ثم تطورت ” أكذوبة” الميليشيا إلى السعي لإسقاط “دولة 56″، غير أن كل هذه الادعاءات كشفتها ألاف الجثث الملقاة على طريقي الخرطوم – الفاشر، وطريق الصادرات أم درمان – بارا- الأبيض، قد أكدت هذه الصور الصادمة أن مقاتلي ميليشيا الدعم السريع قد خُدعوا تحت شعارات سياسية فارغة، ليدفعوا حياتهم ثمناً لشهوة شخصية إلى السلطة، وأبانت هذه الصور أن سردية حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، لم تكن سوى مغامرة عبثية قادها فرد طامع ومجرم، فأدخل بها السودان في نفق مظلم.
ارتدادات اجتماعية:
ووفقاً لمراقبين فإن التبعات الاجتماعية للمحرقة البشرية التي أكلت أخضر ميليشيا الدعم السريع ويابسها، تبدو أكثر خطورة من الخسائر العسكرية، إذ إن فقدان آلاف الشباب من القبائل التي شكَّل بعضها حواضن رئيسة لميليشيا الدعم السريع، قد أحدث صدمة وجودية لهذه الإثنيات، عبَّرت عنها بعض الأصوات داخل منظومة الإدارة الأهلية التي بدأت تطرح تساؤلات جادة حول جدوى الاستمرار في دعم مشروع حميدتي، فيما مضت قيادات ورموز مجتمعية أخرى أبعد من التصريحات وتعالي الأصوات، بأن يممت وجهها شطر مدينة بورتسودان والتقت قيادة الدولة، وأعلنت براءتها من مشروع آل دقلو الإجرامي، وشرعت في دعوة أبنائها للعودة إلى صوت العقل، وغسل أيديهم من مشروع الميليشيا الخاسر، فمنهم من استجاب، ومنهم من تدثر بلباس الرفض والتعنت، ليكون مصيره الموت والدمار.
مشروع عبثي:
ويعرب المهندس أحمد سليمان قور، الباحث في تراث المسيرية عن أسفه البالغ للخسائر الفادحة التي ضربت صفوف الشباب الموتورين والمغرر بهم من قبل سماسرة الإدارة الأهلية المحلولة للالتحاق بميليشيا آل دقلو التي وصفها بمخلب القط في مشروع الإمارات الاستيطاني، واستعرض قور في إفادته للكرامة الجهود التي بذلها العقلاء وسط قبيلة المسيرية من أجل أن يترك هؤلاء الشباب هذا المشروع الوهمي المسمى عبثاً “دولة العطاوة” والتي هي في الحقيقة “دولة الغباوة” حسب تعبيره، وطرح قور تساؤلاً مفاده: لمن تعود هذه الخسائر الفادحة في الأرواح؟ للكسب الرخيص؟ أم لصالح دولة آل دقلو الوهمية؟، متهماً في هذا الصدد ما سماهم برزيقات الدعم ” الصريع” وماهريتهم، بتنفيذ مشروع إبادة جماعية لمجموعة من أبناء المسيرية بامتياز، وذلك بإرسالهم إلى السجون بتهمة التخابر مع الفلول، وحبسهم حتى الموت، أو الزج بهم في المتحركات القتالية وخاصة في محور كردفان، مبيناً أن المستفيد الأول من هذه الإبادة هو الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو الشريك الجديد لميليشيا القتل والنصب والاغتصاب، وختم المهندس أحمد سليمان قور إفادته للكرامة بدعوة شباب المسيرية إلى الابتعاد الفوري عن هذا المشروع الإجرامي المصمم خصيصاً بواسطة دول الاستعمار الحديث ضد السودان.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فمن الواضح أن رصيد ميليشيا الدعم السريع البشري والاجتماعي، بات يتآكل بوتيرة متسارعة، في وقت تواصل فيه القوات المسلحة والقوات المساندة لها تعزيز موقعها باعتباره المؤسسة الوحيدة القادرة على ضبط المشهد، وهو تحول استراتيجي يؤكد على فشل المشروع الذي حاول حميدتي تسويقه لمقاتليه من شباب القبائل، ويعكس في الوقت نفسه انتقال الأزمة من بعدها العسكري إلى عمقها الاجتماعي والسياسي، وهو ما قد يشكّل بداية لانهيار الحواضن التقليدية للدعم السريع، ويفتح الطريق أمام الدولة لإعادة ترتيب الأوراق في دارفور خاصة، والسودان على وجه العموم.