التقارير

تحرُّك محمد بن سلمان، أحرج “الجامعة”،، حرب السودان،، فشل التضامن العربي.. الجامعة العربية لم تُحرّك ساكناً لإدانة تدخل الإمارات في تغذية الحرب.. مواقفها لم ترتقِ إلى مستوى الكارثة الإنسانية والأمنية في السودان.. د. عبد العظيم: كنا ننتظر من الجامعة موقفاً تاريخياً ينحاز للحق والعدالة.

 

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

حظيت التحركات الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بترحيب واسع وسط السودانيين في الداخل والخارج، بعد أن دفع بملف الأزمة السودانية إلى منضدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في محاولة لإحياء مسار وقف الحرب وتحريك الجهود الدولية نحو سلام مستدام. ويأتي هذا التحرك السعودي في وقت تبدو فيه جامعة الدول العربية غائبة تماماً عن واحدة من أخطر أزمات المنطقة، إذ فشلت في اتخاذ موقف شجاع، ولو بإدانة الدعم اللوجستي والعسكري الذي تقدمه الإمارات لميليشيا الدعم السريع، ما أسهم في ارتكاب مجازر بشعة وإطالة أمد الحرب التي أنهكت الشعب السوداني.

جمود وتردد:
ومنذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل 2023م، اتسم موقف جامعة الدول العربية بالجمود والتردد؛ إذ اكتفت ببيانات عامة تدعو إلى ضبط النفس وإعمال الحوار، دون أن تُدين التدخلات الخارجية الممنهجة، وعلى رأسها تدخل الإمارات الذي أدى إلى انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، ورغم توقع السودانيين بعقد اجتماع طارئ يناقش حجم الكارثة التي تمر بها بلادهم، فإن مواقف الجامعة العربية، لم تتجاوز سقف التصريحات البروتوكولية، ويُعد أبرز ما صدر عنها هو رفض الاعتراف بالحكومة الموازية، والتأكيد على وحدة السودان وسلامة أراضيه، والاستماع إلى خارطة الطريق التي قدمتها الحكومة السودانية في قمة بغداد في دورتها العادية رقم (34)، وهي مواقف صحيحة في مضمونها، لكنها لم ترتقِ إلى مستوى الكارثة الإنسانية والأمنية التي يعيشها السودان، وما عدا ذلك، لا يكاد يُسجَّل للجامعة أي دور يذكر تجاه حرب تمزّق بلداً عربياً عضواً فيها.

سخط سوداني:
لقد تصاعد غضب السودانيين من الأداء العربي الرسمي تجاه أزمتهم، معتبرين أن الجامعة العربية تجاهلت معاناتهم وركزت جهودها على ملفات أخرى، وعلى رأسها الحرب في غزة، بينما ظل السودان في الهامش، ويرى الكثير من السودانيين أن الجامعة لم تُظهر الحد الأدنى من التضامن، إذ لم تُحرّك ساكناً لعقد قمة أو اجتماع وزاري طارئ يناقش حرباً شردت الملايين ودمّرت مؤسسات الدولة، وفي اللحظة التي كان ينتظر فيه السودان دوراً عربياً فاعلاً، ظلت الجامعة تتعامل مع المأساة كملف ثانوي، ولم تُبد أي تفاعل مع خارطة الطريق السودانية لإيقاف الحرب، التي بقيت حبيسة الأدراج بلا نقاش أو متابعة.

موقف عربي ضعيف:
ويؤكد الخبير الإذاعي والكاتب الصحفي دكتور عبد العظيم عوض، الملحق الإعلامي السابق بسفارة السودان في القاهرة، أن الموقف العربي تجاه الأزمة السودانية كان “ضعيفاً ومخيّباً للآمال” وقال في إفادته للكرامة إن الحرب في السودان فضحت هشاشة التضامن العربي، مشيراً إلى أن الجامعة العربية لم تقم بما يجب تجاه شعب عربي يتعرض لحرب ضروس وجرائم فظيعة، مبيناً أن الصمت العربي، خصوصاً تجاه الدور الإماراتي في دعم ميليشيا الدعم السريع، يعكس حالة من العجز غير المبرر، ويطرح أسئلة صعبة حول جدوى المنظمات الإقليمية العربية ودورها الحقيقي في حماية وحدة دولها واستقرار شعوبها، وزاد: “السودانيون كانوا ينتظرون موقفاً عربياً تاريخياً ينحاز للحق والعدالة”، مؤكداً أن الجامعة العربية لم تُحرّك ساكناً وتركت السودان يواجه مصيره وحده.

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر،، فقد كشفت الأزمة السودانية الممتدة لثلاث سنوات أن الجامعة العربية تمرّ بمرحلة هي الأضعف في تاريخها، فبينما تتحرك دول منفردة، وفي مقدمتها السعودية، لإيجاد مخرج للأزمة، يظل الكيان العربي الجامع عاجزاً عن اتخاذ موقف أخلاقي أو سياسي واضح، ويُبرز التحرك السعودي الأخير الفارق بين الدبلوماسية الفاعلة والدبلوماسية الغائبة، إذ أعاد ولي العهد محمد بن سلمان وضع السودان على خارطة الاهتمام الدولي عبر فتح قنوات مع واشنطن، بينما بقيت الجامعة بلا دور،! وفي ظل هذا الواقع، يظل السؤال قائماً هل تستعيد الجامعة العربية دورها يوماً ما، أم أن مستقبل السودان سيُرسم بالكامل خارج المنظومة العربية؟.. السودانيون يأملون في الأولى… ويخشون أن يكون الواقع أقرب إلى الثانية..

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى