
تسونامي الاعتراف بفلسطين : حدث تاريخي ينبئ بزمان جديد : العلم الفلسطيني يرفرف في لندن .. و بريطانيا تعتذر عن وعد بلفور .. والأوروبيون يكشفون وبعد ٧٥ عاماً خدعة إسرائيل التاريخية لهم .. !
د. خالدحسن لقمان
للجميع الحق في إبداء دهشتهم البالغة من هذا التوسونامي الذي اصاب مواقف الدول العالمية وعلي نطاق واسع الآن من القضية الفلسطينية بما دعاها في المؤتمر ( الذي نظمته المملكة السعودية مع فرنسا و الرئيس الفرنسي ماكرون والذي أطلق عليه اسم مؤتمر حل الدولتين وعقد بالأمس بمباني الامم المتحدة في نيويورك ) وبعدد كبير علي رأسها بريطانيا وفرنسا و استراليا والبرتغال وإسبانيا وعدد كبير من الدول الأوروبية وغيرها – للاعتراف بفلسطين كدولة وقد برز الموقف البريطاني الذي اعلن بالأمس علي اعتبار أنه الأكثر لفتاً للأنظار و الاهتمام .. كيف فعلت بريطانيا ذلك ..؟
و ربما أن هنالك أسباب عديدة ومتداخلة لذلك الا أن الوضعية التي وجدت فيها لندن نفسها محاصرة تاريخياً بما فعلته في ١٩١٧م هو المدخل المساعد بفعالية ودقة في فهم هذا التحول التاريخي و هو أمر لم يغادر اهتمامات مراكز فكرية – سياسية ذات صلة بمؤسسات الدولة البريطانية خاصة النيابية منها .. هذه المراكز ظلت تعمل ( بدفع واهتمام خاص من الأمير تشارلز بنزعته الباحثة والمفكرة وقراءاته الموسوعية و آرائه الجريئة ) علي اعادة قراءة وضعية ( الامة البريطانية ) وموقفها من المتحرك و البعيد النظر والاستراتيجي من المنظور علي الأفق البعيد وبعد زيارات شهيرة للأمير تشارلز لعدد من بلدان الشرق الأوسط و استقباله لعدد كبير من مفكريه و باحثيه تكونت لديه مقاربة مع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني بما شكل لدي الرجل قناعات حقيقية و لم يخش الإفصاح عنها في عدد من المناسبات السياسية و الفكرية ومع تطورات الأوضاع و الأفعال المتهورة للحكومة اليمينية المشددة في إسرائيل بقيادة نتنياهو و بروز التيارات الرافضة لأفعالها في غزة خاصة من جانب النخبة المجتمعية من طلاب جامعات و مفكرين و قيادات فعل ثقافي وإبداعي في أكثر من عاصمة أوروبية بما شكل صحوة كشفت زور السردية الاسرائيلية التاريخية .. بدأت تعلو أصوات المنادين بإعادة النظر في الموقف البريطاني التاريخي من قضية فلسطين ومع انتفاضات الشارع الأوروبي خاصة الفرنسي والاسباني وحتي الأمريكي تهيأ الشعب البريطاني لمثل هذا الموقف الجديد خاصة وان فرنسا كانت قد قطعت شوطاً بعيداً في هذا عبر موقف الرئيس الفرنسي ماكرون وهو الموقف الذي احدث الفارق الحقيقي و معروف ان ماكرون قد واجه عداءات مبكرة مع اسرائيل مع حركة فاعلة للكتلة العربية والأفريقية الفرنسية وهي كتلة ذات صلة كبيرة مع ماكرون ..
.. والسؤال الذي يبرز الآن هو ماذا بعد هذا الموقف الدولي الكبير .. ؟ .. مالذي يجب أن يفعله العرب والمسلمون .. ؟!! .. وبلا شك فإن هذا التحول الكبير يحتاج وعلي الفور إلي موقف عربي – إسلامي شجاع وذكي يستطيع استثمار نتائج هذا التوسونامي الدولي المعترف بدولة فلسطين التي ظلت تمثل القضية الأم للمسلمين و العرب وذلك عبر تحويل الأمر لنتائج علي الارض يستطيعون عبرها تحقيق امرين هامين .. الاول تحويل هذا الاعتراف لواقع بحيث تتحول فلسطين لدولة كاملة الاعتراف بها من هذه الدول و غيرها من الدول المتوالية في اعترافها بها و الأهم من ذلك إكمال الملف الفلسطيني بدولته المعترف بها في المؤسسات الدولية و الإقليمية و ايضاً داخل كافة دول العالم عبر سفارة كاملة المهام و الحقوق يرتفع فيها العلم الفلسطيني كما ارتفع بالأمس و في مشهد تاريخي لا ينسي في العاصمة البريطانية لندن التي خرج منها وعد بلفور بتوطين اليهود في أرض فلسطين ذلك الوعد الملعون الذي أدي الي هذه الوضعية الظالمة لفلسطين و شعبها الذي يخوض وحتي الساعة انبل معاركه مقدماً كل التضحيات التي أدت لانتصاره بهذه الاعترافات الدولية التي كان علي رأسها الاعتراف البريطاني المدهش بإعتذاره التاريخي الصريح ..