
تصريحات روبيو حول السودان: ضغط دولي لقطع الدعم عن الدعم السريع
د. حيدر البدري.. يكتب.. في نقطة سطر جديد.
الدعم السريع في ورطة…
بين مطرقة الضغط العسكري من الجيش السوداني.. وسندان الضغط الدولي لقطع الدعم عنه…
وفقدانه ثقة الملايين من الشعب السوداني بعد جرائمه المروعة في كل مكان.
وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يعلن أن الوقت حان لقطع الدعم السلاح عن قوات الدعم السريع في السودان، مُحذراً من تدهور الوضع الإنساني “المروّع”. فالقوات المتهمة بارتكاب “فظائع منهجية”.
هذا مع حراك جهود دبلوماسية دولية مكثفة لفرض هدنة إنسانية تتصادم مع تعقيدات الموقف على الأرض واستمرار تدفق الأسلحة.
ففي تصريحات هي الأكثر حزماً منذ اندلاع الحرب في السودان، دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى قطع دعم السلاح عن قوات الدعم السريع، مُعتبراً أن الأزمة الإنسانية في البلاد وصلت إلى مستويات “مروعة” وغير مسبوقة. جاءت هذه التصريحات خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده روبيو بعد اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في نياجارا بكندا، في تأكيد على تصاعد القلق الدولي إزاء تدهور الوضع في السودان واستمرار تدفق الدعم العسكري للقوات شبه العسكرية رغم انتهاكاتها المتكررة.
قال روبيو للصحفيين يوم الأربعاء: “أعتقد أن هناك حاجة لاتخاذ إجراء لقطع السلاح والدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع ” وأضاف أن واشنطن تعمل مع مصر والسعودية والإمارات، مؤكداً أن “الضغوط تُطبَّق على الأطراف ذات الصلة”، في إشارة إلى جهود دبلوماسية جارية.
ولم يتردد الوزير الأمريكي في وصف انتهاكات قوات الدعم السريع بأنها “منهجية”، وهو تغير واضح في النبرة. مشيراً إلى أن هذه القوات “توافق على أمور ولا تلتزم بها أبداً”. كما أقرّ بأن القوات “تتلقى مساعدة واضحة من الخارج… وهذا يجب أن يتوقف”، في إشارة إلى التقارير الاستخباراتية الأمريكية التي تحدثت عن دعم إقليمي للقوات شبه العسكرية .
تأتي تصريحات روبيو في سياق متصاعد عسكرياً، حيث سيطرت قوات الدعم السريع الشهر الماضي على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور،. وقد صاحب هذا الاستيلاء اتهامات بارتكاب مجازر موثقة بحق مدنيين وفقاً لمنظمات محلية ودولية، ما أدى إلى نزوح آلاف المدنيين من المدينة نحو المناطق المجاورة شمالاً وغرباً .
في سياق متصل، أعلنت قوات الدعم السريع مساء الخميس موافقتها على الانضمام إلى الهدنة الإنسانية” التي قالت إن دول “الرباعية” المؤلفة من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات هي التي اقترحتها. لكن القوات لم تذكر تفاصيل عن بنود الهدنة وآلية تنفيذها . وهي مسرحية سمجة وضحك على الذقون.
من جهتها، تمسكت الحكومة السودانية بشروطها للتوصل إلى أي تسوية، والتي تتمثل في رفض أي تسوية سياسية “تساوي بين دولة ذات سيادة ومليشيا متمردة”ودعت إلى وضع خارطة طريق واضحة تقوم على نزع السلاح، وأن تسلم هذه المليشيات أسلحتها ثم تسكن في معسكرات محددة” وفقاً لتصريحات رئيس الوزراء كامل إدريس . وهي شروط منطقية وواقعية من دولة ذات سيادة
على أية حال تمثل تصريحات روبيو سابقة في الوضوح والصراحة، حيث تجاوزت الإدانات التقليدية إلى الدعوة المباشرة لقطع دعم السلاح عن قوات الدعم السريع. وهذا التحول يعكس إدراكاً أمريكياً لفشل المسارات الدبلوماسية السابقة في احتواء الصراع، خاصة بعد استيلاء الدعم السريع على الفاشر. ويبن ضغوطاً داخلية ودولية متزايدة للتصدي للأزمة الإنسانية المتفاقمة التي تهدد استقرار المنطقة. ويشير إلى معرفة أمريكية بمصادر تمويل وتدريب القوات رغم التحفظ على تسميتها علناً للحفاظ على المسارات الدبلوماسية. لكن رغم الوضوح الأمريكي، تظهو هناك تحديات جسام تواجه تنفيذ هذه التوجهات، أبرزها تعقيدات المشهد الإقليمي ووجود مصالح متضاربة للدول المؤثرة في السودان. وواقع القدرات العسكرية الميدانية لقوات الدعم السريع. هذا مع استمرار تدفق الدعم الخارجي رغم الإنكارات الرسمية للدول المتهمة. وعلى رأسها الإمارات.
توضح تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة منعطفاً حاسماً في الموقف الدولي من الأزمة السودانية، حيث انتقلت من مرحلة الإدانات والبيانات الدبلوماسية إلى مرحلة الدعوة لاتخاذ إجراءات عملية لقطع إمدادات السلاح. لكن فعالية هذه الدعوة ستظل رهناً بقدرة المجتمع الدولي على التوحد خلف استراتيجية واضحة، واستعداد الأطراف الإقليمية للتضحية بمصالحها الضيقة لإنقاذ ملايين السودانيين من براثن مجاعة وحرب أهلية طاحنة.
في الأسابيع المقبلة، ستكون العيون شاخصة إلى آلية تترجم الكلمات إلى أفعال، وما إذا كانت الضغوط الأمريكية ستحقق ما فشلت فيه المفاوضات السابقة.
نقطة سطر جديد.