
حروب العالم القادمة 2
ما يدور في فرنسا اليوم ، هل هو تآمر إسرائيلي ضد ماكرون ، ام بداية تصفية الثأرات اليهودية التاريخية ضد فرنسا ..؟
بقلم :حيدر التوم خليفة
ما لا يدركه *اليهود المتصهينون ، انهم بافعالهم المقيتة ، وجرائمهم البربرية في غزة ، وانعكاساتها السالبة* عليهم ، والتي حركت احرار العالم ، واصحاب الضمير الانساني ، إنما *يستدعون التاريخ القرواوسطي ، وحقبة معاداة ومعاناة اليهود كامة منبوذة* ، ويعيدون تركيب صورة *شيلوك اليهودي في المخيلة العالمية*، ويهيئون المشهد *لتكرار وإستيلاد نفس الظروف والمزاج العام العالمي الرافض والمعادي لهم* ، والذي ساد في اوروبا وامريكا *قبيل الحرب العالمية الثانية ، وانتج النازية تحديداً* …
ان التاريخ الحديث لم يشهد *تضامناً عالمياً* من كل شعوب العالم ، كما جسدته تلك *الحملة الشعبية العالمية المتحدة المناصرة لفلسطين* ، والمعادية للدولة الصهيونية وافعالها المشينة …
وما ان ارتفع صوت إيمناويل ماكرون *بالدعوة الي إسناد ودعم حل الدولتين* ، والتصريح منذ اشهر بان فرنسا سوف تعترف بالدولة الفلسطينية خلال شهر سبتمر (وقد حدث) ، وما ان *بدأت الجمهورية الفرنسية تحث الخطي* لتحقيق هذا الامر ، *مستصحبة معها الدولة السعودية* إلا وبدأت إسرائيل حرباً لا اخلاقية ضده …
فبعد ان فشلت في *إلصاق تهمة عداء السامية* به (وهي تهمة مفتعلة ، كالمرض المختلق الذي يمكن تفعيله كلما دعت الحاجة ، ولهذا يحق لنا ان نسميها *بالكورونا السياسية*) ، إلا وبدات حملة *تشهير واسعة تطاله وعائلته* ، خاصة في اجهزة الاعلام الامريكية ، تقودها خفية ، وبخبث ودهاء اجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من شاباك وموساد ..
فقد عمدت هذه الاجهزة الاستخبارية (ولجر ماكرون الي معارك جانبية ، *واستنزاف وقته ، وتهديد مستقبله السياسي* بل وإغتياله سياسياً) عمدت الي إشاعة انه *مِثلي الميول ، وأنه متزوج من رجل* ، اي ان زوجته الحالية *بيرجيت ، والتي تكبره بربع قرن من السنوات ، ما هي الا رجلا متخفي في ثوب امرأة* ، متناسين انها سبق وان تزوجت من *اندريه اوزيير* المصرفي الفرنسي ، وانجبت منه ثلاثة ابناء ، البكر منهم سباستيان المولود في العام 1975 ويكبر ماكرون بعامين ..
وقد كانت هذه الحملة ضمن جهودهم الابتزازية *لإثنائه ودفعه للتخلي عن توجهاته ومساعيه الرامية الي الاعتراف بالدولة الفلسطينية* ، وترك *التنسيق العالي* مع دول عدة لدفع هذا الامر الي الامام ، وهو توجه *أتي نتيجةً لضغوط شعبية ، وراي عام ناهض* تمدد عبر قطاع واسع من المجتمع الفرنسي ضد الدولة الصهيويهودية ، *ومناهض لممارساتها اللاخلاقية والغير أنسانية* ، متبدياً ذلك في *حروب الابادة والتهجير والتجويع والحصار* التي تشنها ضد سكان غزة ..
إضافة لذلك فقد دفعت إسرائيل بالعديد من *اقلامها العميلة المنتشرة في الاعلام الفرنسي* ، الي مهاجمة ماكرون ، وخلق *رأي عام شعبي معادٍ له ، مطالبين منه الاستقالة ، او الاقالة النيابية* ، مع مساعي عديدة *لخلخلة النظام السياسي الفرنسي* ، وخلق حالة من *عدم الاستقرار ، وعدم اليقين* ، واستغلال الظروف الاقتصادية لدفع *اليمين الفرنسي الي مزيد من التطرف* ، والذي بدأ يعبر عن نفسه في *ثوب قومي ، وخطاب أصولي متعنصر عنيف* ، اقرب *للفكر النازي* في اساسياته ومنطلقاته …
ولكن للحملة *وجه آخر* ، ففي المقال السابق والذي تناولت فيه حتمية المواجهة العسكرية بين إسرائيل وألمانيا ضمن احلاف (حروب العالم القادمة) ، والذي ينطلق من ثأرات تاريخية لما يدعيه اليهود من ظلم نازي وقع عليهم ، فان *ذات الدوافع الاضطهادية ، والمظالم التاريخية* التي تعرض لها اليهود في فرنسا ، سوف تعيد الي تكرار السيناريو الإسرائيلي ضد ألمانيا ، في الحالة الفرنسية ، مضاف إليها فعل داخلي ، عبر *صراع بين الوافد والاصيل* ، قد يقود الي *حالة هي اشبه بتصفية الحسابات لدي عصابات المافيا* ..
يجب ان يعلم الجميع ، *ان الشخصية اليهودية تختزن الظلم ، لا تنسي ولا تغفر ، وانما تُورِّث احقادها كفعل تراكمي جيلاً بعد جيل* ، وان العقل اليهودي *الناهل من نصوص التوراة الاستعلائية* إنما هو *عقل إنتقامي ، إجرامي إقصائي ، سجين حكاوي التاريخ ، واسير توهمات رب الجنود المتخيل تلمودياً* ، ولن *يحرره غير الاخذ بثأره* ، حتي ولو من اقرب المحسنين اليه ، *لانهم غوييم ، اي اغيار* ، وبما انهم اغيار ، فهم في *حكم العبيد* ، وان *يهوه* (الههم اليهودي) قد خلق *العبيد الاغيار لخدمة اليهود* ، ابناء الرب المختارين ، لهذا فان ما *يقدمونه من خير هو واجب مفروض عليهم* لخدمة نجباء رب الجنود ، لا يستحقون الشكر عليه ، بل *يستوجبون العقاب ان لم يقدموه* ..
لهذا فإن فرنسا التي *انشأت البرنامح النووي الإسرائيلي* ، وتعهدته بالعناية الكاملة في جميع مراحله ، وعمدت جاهدة الي تعطيل برامج التسليح النووي للدول العربية والإسلامية ، ستكون اول من يتضرر منه ، وسوف تأخذ *نصيبها منه ضرراً وتدميراً يطال مدنها ومنشآتها* ، وليس عليهم *ان يحتموا باسباب متبدلة متغيرة* ، فهم امام عقل اقصائي انتقامي نافٍ للآخر ، لا يري في العالم *وجوداً يستحق البقاء والعيش غير وجوده* ، وسوف يرون نتائج افعاله تتغير بسرعة كبيرة ضدهم مهددة لوجودهم ..
*إن العالم القديم يتلاشي ، والاحلاف تتفكك ، والخرائط يعاد تشكيلها ، والجغرافيا السياسية تصنع واقعاَ يصعب التنبوء بنتائجه ..*
علي الفرنسيين ان لا يركنوا كثيراً الي *علاقات متبدلة زائلة ، واسس متغيرة متخيلة* ، فالعالم في *العصر الترامبي يمشي علي قدمين هما اللاهوت والمصالح ، اي الدين والمال* ، مهما كان جذرهما ومنشأهما ، ورافدهما التاريخي ، ومحطتهما المستقبلية ..
وليعلموا ان *الحقد اليهودي الموروث منذ القرون الوسطي ، ومخرجات محاكم التفتيش ، واوامر الاذلال والاخضاع التي طالت اليهود في اوروبا ، خاصة في فرنسا* ، سوف تنفجر *احقاداً وحروباً* لن يستطيعوا لها صداً بسهولة ، او بقليل تكلفة..
وليعلموا ان *الارث المضاع* ، هو *ضياع لذاكرة الامة* ، وأمة *بلا ذاكرة* ، هي قصة *خارج التاريخ ، ورواية ناقصة ، وكيان يحتضر يصير نهباً لكل طامع ومدعٍ* ..