الأخبار

خبر وتحليل عمــار العركــي : زيارة بدر عبد العاطي لبورتسودان بين ضغوط الرباعيــة وحسابــات الجــوار

 

 

* في لحظة كتابة هذا التحليل، يكون وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي قد وصل اليوم الأربعاء 1 أكتوبر 2025، إلى مدينة بورتسودان في أول زيارة له منذ أن تولى نظيره السوداني السفير محيي الدين سالم حقيبة وزارة الخارجية. وتأتي الزيارة بعد 48 ساعة فقط من لقاء جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في القاهرة، الأمر الذي يضفي على تحركات القاهرة تجاه الخرطوم أبعادًا تتجاوز الطابع البروتوكولي المعتاد. ومن المنتظر أن يلتقي عبد العاطي نظيره السوداني وعددًا من كبار المسؤولين للتباحث حول مسارات تعزيز العلاقات الثنائية والتشاور بشأن تطورات الأزمة السودانية.
* لم تكن زيارة بدر عبد العاطي إلى بورتسودان مجرد جولة تعريفية لوزير جديد، بل بدت وكأنها جزء من مشهد إقليمي متشابك، تتداخل فيه حسابات الجوار المباشر مع التزامات القاهرة كعضو في الرباعية (السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة، مصر) المعنية بالملف السوداني.
*_البعـد الإماراتــي في التوقيـت_*
* التتابع الزمني بين زيارة محمد بن زايد للقاهرة، ثم زيارة وزير الخارجية المصري إلى بورتسودان، لا يمكن اعتباره صدفة. فهو يوحي بتنسيق مسبق وربما رسائل إماراتية حملتها القاهرة إلى الخرطوم بصيغة أكثر قبولًا. أبوظبي، التي تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب اتهامها بالتدخل في الحرب السودانية، تسعى إلى إعادة التموضع عبر وساطة أو غطاء دبلوماسي مصري.
*_الرباعيــة كإطــار ضـاغــط_*
* إلى جانب البعد الإماراتي، تتحرك القاهرة داخل هوامش الرباعية الدولية – الإقليمية، وهي اليوم إحدى أبرز منصات التأثير على الملف السوداني. عضوية مصر فيها تضعها أمام معادلة دقيقة: كيف تحافظ على شراكاتها داخل الرباعية، خاصة مع أبوظبي وواشنطن، دون أن تخسر دورها التاريخي كجار وشريك مباشر للخرطوم؟ هنا تبدو زيارة عبد العاطي لبورتسودان أكثر من مجرد تواصل ثنائي، إذ تشكل حلقة وصل بين التزامات القاهرة الرباعية ومصالحها الحيوية مع السودان.
*_الملفـات الملحـة: سـد النهضـة والفيـضانــات_*
* إلى جانب الاعتبارات الإقليمية، تركز القاهرة على ملفين أساسيين:
* *سـد النهضـة:* تسعى مصر لإقناع السودان بالتصعيد ضد إثيوبيا وتثبيت موقف مشترك يظهر السد كخطر وجودي على أمن البلدين المائي.
* *الفيضانـات الأخيــرة:* تعمل القاهرة على ربط الكارثة التي ضربت السودان بانعدام التنسيق المائي مع أديس أبابا، لتوظف المأساة الإنسانية في خدمة روايتها الإقليمية.
*_اختبـار استقلاليـة القــرار المصـري_*
* يبقى التحدي بالنسبة للخرطوم هو اختبار مدى استقلالية الموقف المصري : هل ما يحمله بدر عبد العاطي يعكس رؤية القاهرة الخاصة كجار وشريك استراتيجي؟، أم أنه انعكاس لضغوط الرباعية ورسائل أبوظبي؟ هذا السؤال سيظل حاضرًا في ذهن صناع القرار السوداني، خاصة مع تسارع الحراك الإقليمي والدولي حول الأزمة السودانية.
*_خلاصــة القــول منتهــاه :_*
* زيارة وزير الخارجية المصري إلى بورتسودان ليست بروتوكولية فحسب، بل هي اختبار لمعادلة معقدة تجمع بين حسابات الرباعية وضغوط أبوظبي من جهة، والمصالح المشتركة في مياه النيل وأمن البحر الأحمر من جهة أخرى. ويبقى على الخرطوم أن تحدد بوعي موقعها: هل تمضي خلف التصعيد المصري وضغوط التوازنات ؟، أم تبحث عن صيغة تحفظ أولوياتها بعيدًا عن أجندات الآخرين؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى