
رحيل محمد طاهر إيلا…رمزية الحدث
عبدالملك النعيم احمد…
بمثل ما الحياة حق فالموت ايضا حق..وقد إبتلي الله المؤمنين بالموت والحياة لإختبارهم بحسن العمل والخاتمة ولمعرفة من الذي عمل لدنياه ومن الذي عمل لآخرته ومن الذي عمل لهما معا..تلك مسيرة حياة اي إنسان وإن سيد الأولين والآخرين قد فارق الدنيا فما بال أتباعه ومحبيه…
صباح الأثنين الماضي فارقت روح الدكتور محمد طاهر إيلا الطاهرة الجسد إلي بارئها بمستشفي القؤاد بجمهورية مصر العربية بعد فترة مرض ليست بالقصيرة فقد كانت إبتلاءا لتخفيف السيئات ومضاعفة الحسنات هكذا الإبتلاء بالمرض الذي يجعله الله دوما كفارة للعبد…
أكرمت قيادة الدولة الوطنيين من أبنائها الذين يرحلون عن الفانية في شخص الراحل ايلا بإرسال طائرة خاصة لنقل الجثمان والصلاة عليه بإستاد بورتسودان في جمع لم تشهده المدينة من قبل وهنا رمزية المكان والزمان والحدث نفسه واقيمت سرادق العزاء في المدينة التي حكم ولايتها لعقد كامل من الزمن وتحدثت عنه إنجازاته قبل ان تفصح عن ذلك أحاديثه وكلماته والتي كان مقلا جدا فيها حيث كانت قناعته الإنجاز والعمل والتفاني فيه دون ضوضاء بفهم دع المواطن يري فعلك ويحس به ويجني ثماره ذلك أفضل من الحديث عنه والحديث غالبا ما يفسد الإنجاز وحتي الصدقات يقسدها الرياء والإشهار ويذهب ريحها…
كانت سرادق العزاء في بورتسودان والتي خاطبها رئيس مجلس السيادة واثني في كلمته علي الراحل وطنيته واخلاقه وتفانيه أينما حل وذهب نكرانه لذاته عندما يكون الحديث عن الوطن…تماما كما كانت الصلاة عليه في الإستاد حدثا يؤكد مكانة الرجل عنده أهله في الشرق وعند اهل السودان قاطبة..
واجب العزاء الذي أقامته أسرته بمسجد التقوي بحي الدقي بالقاهرة قبل مغادرة الجثمان الي بورتسودان كان هو الآخر حدثا فريدا تنادي أبناء السودان في مصر من كل حدب وصوب ليس فقط لعزاء أبنائه واسرته بل لتعزية انفسهم في فقد رجل قامة مفعم بالوطنية وحبه للسودان شخصية فقدها كل أهل السودان قبل ان يفقدها أهله في الشرق فكان الشعب السوداني بمختلف مكوناته السياسية والآجتماعية والأهليه حضورا يعددون مناقبه ويترحمون علي روحه…
عمل الدكتور الراحل المقيم ايلا في ولاية البحر الاحمر علي قمة ادارة هيئة المواني البحرية ثم واليا لولاية البحر الأحمر وقد كانت بصماته واضحة في التنمية والعمران والصحة والتعليم والإهتمام بمواطن الشرق البسيط وكان متواضعا ومحبوبا بين أهله ومواطنيه.. إنتقل واليا لولاية الجزيرة وكان آداؤه وتعامله هو مفتاح حب الجزيرة إليه وقد يذكرونه الي اليوم بما قدمه من مشروعات تنمية في الولاية واهتمامه بالطرق ورصفها وفتح مسارات جديدة لها …ختم حياته العملية بفترة قصيرة رئيسا لمجلس الوزراء والذي رغم قصر الفترة كانت بصماته واضحة ثم غادر الي قاهرة المعز وعندما عاد عام 2022م إستقبلته جماهير البحر الاحمر في المطار وهو لا يملك سلطة ولا جاه فقط بحب اهل الشرق له في شخصه ولما تركه من اثر طيب في نفوسهم ولم يتعامل معهم بقوة السلطة وبريقها وانما بمبدأ حسن المعاملة والتي تمثل جوهر الدين وقمة التميز والتي لا تتوفر إلا لدي من رحم ربي…
لا نزكيه علي الله ونسأل الله له الرحمة والمغفرة وان يجعل الجنة مرقده وان يجعل كل ماقام به في ميزان حسناته فهو فقد للوطن ولا نقول الا مايرضي الله إنا لله وإنا إليه راجعون…..