
صراعات دامية داخل مليشيا الدعم السريع.. “جلحة” .. نهاية “الجندي المهرج “
صراعات دامية داخل مليشيا الدعم السريع..
“جلحة” .. نهاية “الجندي المهرج ”
عبدالرؤوف طه : مسارعة المليشيا للإعلان عن مقتل جلحة يعزز فرضية تصفيته
تضارب الروايات حول هلاك ” “أشهر قادة الجنجويد..
تصفية جلحة وشقيقه ادت لنشوب اشتباكات قبلية دامية..
القائد المليشياوي الذي ملأ الفضاء ضجيجاً يلقى حتفه في صراع قبلي
بعد مسيرة من التهديد والتفاخر النهاية تأتيه من أقرب المقربين
اشتباكات عنيفة تندلع بين المسيرية والماهرية عقب هلاك (جلحة)
تقرير-رحمة عبدالمنعم
لقي القائد الميداني لمليشيا الدعم السريع، رحمة الله المهدي، الشهير بـ”جلحة”، مصرعه في ظروف غامضة، وسط تضارب الروايات حول مقتله في معارك الخرطوم، أمس الثلاثاء. وبينما سارعت المليشيا إلى نعيه، رجحت مصادر مطلعة تصفيته داخلياً بسبب صراعات قبلية محتدمة، خاصة بين المسيرية والماهرية، وهو ما يزيد من حالة التشرذم داخل المليشيا.
روايات متضاربة
وأعلنت المليشيا، عبر بعض أبواقها الإعلامية، مقتل جلحة في معارك الخرطوم أمس الثلاثاء، دون تحديد الموقع أو تفاصيل العملية ،لكن سرعان ما انتشرت روايات متناقضة، إذ أكدت مصادر متطابقة أنه قُتل في غارة جوية استهدفت رتل سيارات تابع له في “الوادي الأخضر” بمحلية شرق النيل، بينما أورد الصحفي مزمل أبو القاسم، عبر صفحته في “فيسبوك”، أن جلحة لقي حتفه مع شقيقه واثنين من أبناء عمومة حميدتي في حي الرياض بالخرطوم.
ورغم تعدد الروايات، إلا أن إعلان المليشيا عن مقتله بهذه السرعة، على غير عادتها، يثير الشكوك حول حقيقة ما جرى، حيث يُعرف عنها التستر على خسائرها الميدانية، خاصة عندما يتعلق الأمر بقادتها البارزين.
تصفية جلحة
وتشير معطيات عدة إلى أن مقتل جلحة ليس مجرد حادثة عادية، بل قد يكون عملية تصفية داخلية في سياق الصراعات القبلية المتفاقمة داخل المليشيا. فجلحة، الذي كان يقود ما يسمى بـ”حركة شجعان كردفان”، دخل في خلافات حادة مع قيادة الدعم السريع، وسبق أن وجه تهديداً مباشراً إلى قائد الجنجويد محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائلاً: “نحن أبناء المسيرية لا أحد يهددنا، ونحن أقوياء بما يكفي لمواجهة أي طرف”.
هذا التصعيد اللفظي لم يبقَ في إطار التهديدات، حيث تحولت التوترات إلى اشتباكات مسلحة دامية بين المسيرية والماهرية في مناطق متفرقة من الخرطوم وشرق النيل، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
ويرى الصحفي عبدالرؤوف طه أن المليشيا سارعت بالإعلان عن مقتل جلحة بشكل غير معتاد، مما يعزز فرضية تصفيته، خاصة أن أول من سرب خبر مقتله كانوا عناصرها وأبواقها الإعلامية ،كما أن اندلاع اشتباكات شرسة بين المسيرية والماهرية عقب مقتله يؤكد أن القضية تتجاوز مجرد سقوطه في معركة.
مواقع التواصل
ولم يكن جلحة مجرد قائد ميداني في مليشيا الدعم السريع، بل اشتهر بحضوره المثير على منصات التواصل الاجتماعي، حيث كان ينشر مقاطع فيديو مليئة بالتهديدات والتصريحات التي غالباً ما أثارت السخرية والضحك بين المتابعين. عُرف جلحة باستخدامه عبارات لاذعة وأسلوب أداء ساخر عند حديثه عن ” دولة 56 والفيلول” و”مستنفرين الجيش”، وهو المصطلح الذي أطلقه على المقاتلين المتطوعين في صفوف القوات المسلحة، لم تقتصر سخريته على خصومه العسكريين فحسب، بل امتدت إلى مهاجمة بعض السياسيين المتحالفين مع المليشيا مثل عبدالله حمدوك ، متناولاً مواقفهم وتصريحاتهم بطريقة ساخرة جعلت مقاطعه مادة للتندر والنقاش في الأوساط الشعبية والإعلامية.
كان خطابه، رغم طابعه الكوميدي، يعكس حالة الصراع الداخلي والانقسامات التي تعيشها المليشيا، حيث بدت تصريحاته أحياناً وكأنها تحمل رسائل مبطنة إلى قياداتها العليا، وبمرور الوقت، أصبح جلحة وجهاً دعائياً للمليشيا، لكن في الوقت ذاته مصدراً للانتقاد والسخرية،و اعتبر مراقببن أن ظهوره المتكرر بهذا الأسلوب يعكس حالة من التخبط داخل صفوف الدعم السريع. ورغم محاولاته الدائمة للترويج لصورة “القائد الميداني الباسل”، انتهى به المطاف ضحية لتلك الصراعات التي طالما كان جزءاً منها.
انشقاقات مرتقبة
مقتل جلحة، الذي كان شخصية محورية داخل المليشيا، قد يكون بمثابة الشرارة التي تؤدي إلى تفاقم التصدعات داخلها، إذ من المتوقع أن يدفع المزيد من عناصر المسيرية للفرار أو التمرد على قيادة مليشيا الدعم السريع، خاصة في ظل تزايد عمليات التصفية الداخلية وانعدام الثقة بين الفصائل القبلية المتناحرة.
فمع غياب قيادة مركزية فاعلة، وتزايد الضربات الجوية، والصراعات الداخلية التي تتسع رقعتها يوماً بعد يوم، تبدو مليشيا الجنجويد أمام مرحلة جديدة من التفكك والانقسامات، قد تعجّل بنهايتها المحتومة
هشاشة المليشيا
وسواء كان مصرع جلحة نتيجة غارة جوية أو عملية تصفية داخلية، فإن الحدث يعكس هشاشة مليشيا الدعم السريع من الداخل، حيث باتت النزاعات القبلية تشكل تهديداً وجودياً لها، في وقت تخوض فيه حرباً خاسرة ضد الجيش، وبينما كان جلحة يطلق التهديدات عبر وسائط التواصل الاجتماعي، انتهى به الأمر مضرجاً بدمائه، ليصبح رقماً جديداً في قائمة من تمت تصفيتهم داخل المليشيا، في معركة يبدو أنها تأكل أبناءها قبل خصومها.