مقالات

عمر الجزلي.. حين تلتقي الحكمة بالمسؤولية في رحاب الإعلام؟

د. حيدر البدري يكتب في نقطة سطر جديد.

إن تكليف الصديق والاخ الحبيب الدكتور عمر الجزلي مستشارا للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون هي خطوةٍ نُقرأ منها الكثير، وتُعبّر عن عمق الرؤية وبُعد النظر، جاء قرار التكليف لِيُضيء شمعةً جديدةً في معبد الإعلام الوطني، وليُعيد إلى الأذهان معنى أن يكون الرجل “مدرسة” قبل أن يكون موظفاً، وأن تكون التجربة “عطاء” قبل أن تكون منصباً.
فالدكتور الجزلي، الذي يُلقب بحق بـ “أستاذ الأجيال”، ليس مجرد اسمٍ يضاف إلى هيكل تنظيمي، بل هو قيمة علمية وأكاديمية وإنسانية شاملة. إنه ذلك الصوت الهادئ العميق في زمن الضجيج، وذلك العقل المُنَظِّر في خضم الفعل اليومي المتسارع، وتلك اليد الأمينة التي صاغت عقولاً ونفوساً وأرواحاً فكان خير خلف لخير سلف في سلسلة العلماء الربانيين الذين يضعون معرفتهم في خدمة وطنهم.

إن اختيار شخصية بمثل هذا الثقل العلمي والأخلاقي هو رسالة واضحة تُصدرها الدولة للاعلاميين، رسالة تؤكد أن الإعلام الرصين، الهادف، المسؤول، هو غايتها الأولى. وهو إعلام لا ينفصل عن رسالته التنويرية، ولا عن مسؤوليته في تشكيل الوعي الجمعي، وبناء الإنسان، وصياغة المستقبل برؤيةٍ تستلهم الحكمة من الماضي، وتستشرف الآفاق بوعي الحاضر.

إن استقدام حكمة “الجزلي” إلى قلب هذه المؤسسة الإعلامية العملاقة يعني الكثير: يعني أن “الكلمة” ستعود إلى مكانتها، وأن “المحتوى” سيكون هو الملك، وأن “الجودة” هي المعيار. إنه تأكيد على أن الإعلام مهنةٌ رسالية قبل أن تكون حرفة، وأنها مسؤولية أخلاقية أمام الله والوطن والتاريخ.

ولا يسعنا هنا إلا أن نذكر ببعض مما يميز شخصية الدكتور الجزلي، الذي جمع بين صلابة العلم ورفعة الخلق، وبين عمق الأكاديمي وواقعية الممارس. فهو ليس بمنأى عن هموم الإعلام اليومية وتحدياته، بل سيكون -بلا شك- الصوت الداخلي الذي يذكر دوماً بالثوابت والمرتكزات، والنبراس الذي يهدي إلى طريق التميز والريادة.
لقد تعلمنا من هذا الرجل العالم الكثير. ولاشك أنها زمالةٌ حميدة بين هيئةٍ تحمل على عاتقها أمانة الكلمة والصورة، وبين رجلٍ حمل على عاتقه أمانة الفكر والعلم. زمالة نثق بأنها ستثمر عن رؤى جديدة، وطاقات متجددة، وإضافات نوعية لمسيرة الإعلام الوطني، ليكون صوتاً للحق، ومنبراً للجمال، وترسانة للفكر الواعي، ونافذة تطل بها الأمة على آفاق المستقبل بثقة واقتدار.
نرفع أحر التهاني للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون بهذه الإضافة النوعية، ونتقدم بالتبريكات القلبية للدكتور عمر الجزلي، متمنين له دوام الصحة والعطاء، واثقين بأنه سيكون خير مستشارٍ وخير ناصحٍ أمين، سائلي المولى عز وجل أن يوفقه ويسدده، وأن يجعل هذه الخطوة فاتحة خيرٍ وبركة لتطوير الإعلام في وطننا الغالي
نقطة سطر جديد. .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى