
قدما إدانة مزدوجة لانتهاكات الميليشيا في الفاشر،، المفوضية ومجلس السلم والأمن الأفريقي،، انتفاضة في وجه الجنجويد
.
شجب مغلظ لفظائع الميليشيا، ودعوة إلى تحرك عاجل لوقف الانتهاكات..
تحميل الأطراف الداعمة للجنجويد المسؤولية، وعدم إفلاتها من العقاب..
جهود متعاظمة لسفارة السودان في أثيوبيا من أجل فضح جرائم المتمردين..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
ترحيب واسع لقيه الموقف الأفريقي الموحد والمتمثل في إدانة مفوضية الاتحاد الأفريقي، ومجلس السلم والأمن الأفريقي، الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع بمدينة الفاشر عقب سيطرتها عليها، واعتبرت نخب سياسية سودانية أن الموقف يمثل تحولاً إيجابياً ينبغي أن تبني عليه الحكومة لتمضي قدماً في الاقتراب من الاتحاد الأفريقي واستعادة عضويتها المجمدة منذ 25 أكتوبر من العام 2021م، وكانت مفوضية الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم والأمن الافريقي قد أكدا أن ما يحدث في الفاشر يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وأن مرتكبي تلك الفظائع لن يفلتوا من المساءلة والعقاب.
إدانة مغلظة:
وقد أدان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، السفير محمود علي يوسف، بأشدِّ العبارات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بمدينة الفاشر عقب سيطرتها عليها، معبّراً عن بالغ قلقه إزاء تصاعد أعمال العنف ضد المدنيين العزل، وأكد يوسف أن ما شهدته الفاشر من جرائم قتل ممنهج واستهداف عرقي يرقى إلى جرائم حرب تستوجب المساءلة، مشدداً على أن مرتكبي تلك الفظائع لن يفلتوا من العقاب، كما دعا إلى وقف فوري للعدائيات وفتح ممرات إنسانية عاجلة لإيصال المساعدات إلى المتضررين، مبيناً أنه لا حل عسكرياً للأزمة السودانية، ومجدداً تضامن الاتحاد الإفريقي الكامل مع الشعب السوداني ودعمه لتطلعاته نحو السلام والوحدة والديمقراطية.
دعوة إلى محاسبة الجنجويد:
وأعرب مجلس السلم والأمن الأفريقي عن قلقه العميق إزاء تصاعد العنف وتدهور الوضع الإنساني في السودان، مؤكداً على ضرورة تحرك عاجل لاحتواء الأزمة، وأدان المجلس بشدة الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر، ودعا إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في كافة أنحاء السودان، كما طالب المجلس بفتح ممرات إنسانية عاجلة وضمان محاسبة المتورطين في ارتكاب الفظائع، ورفض أي تدخلات خارجية في الأزمة السودانية، مشدداً على أن الدول أو الجهات التي تدعم أطراف الصراع تتحمل المسؤولية عن تأجيج النزاع، كما جدد تأكيده أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السودانية، داعياً إلى حل سياسي شامل.
جهود دبلوماسية متعاظمة:
وجاء موقف الاتحاد الأفريقي، ومجلس السلم والأمن الأفريقي، ثمرة لجهود دبلوماسية مكثفة قادتها سفارة السودان في أديس أبابا بقيادة السفير الزين إبراهيم حسين، وأركان حربه من فريق السفارة من الدبلوماسيين والمستشارين الفنيين والإداريين، والذين خاضوا ماراثوناً من الاتصالات مع رئاسة المفوضية، والدول الأعضاء، وذلك بغرض فضح الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيا المتمردة، وتعبئة الموقف الأفريقي الرسمي تجاهها، وقد أثمرت هذه التحركات عن صدور موقف أفريقي متقدم أعاد التأكيد على حق السودان في حماية مواطنيه ووحدة ترابه الوطني، ورفض كل محاولات الالتفاف على سيادته أو تقديم غطاء سياسي للجماعات المتمردة.
دلالات الموقف الأفريقي:
وبإجماع مراقبين فإن الإدانة المزدوجة من مفوضية الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن، تمثل تحولاً إيجابياً ونوعياً في الموقف القاري من الحرب في السودان، إذ تعكس اعترافاً صريحاً، وإدراكاً متزايداً بخطورة الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الدعم السريع على الأرض، وتضع حداً لمحاولات التعمية على الجرائم الموثقة بحق المدنيين، وتؤكد في الوقت نفسه أن الصمت الأفريقي لم يعد ممكناً في مواجهة مشاهد القتل الجماعي والتطهير العرقي في دارفور، كما يشير هذا الموقف إلى عودة الثقة في الدبلوماسية السودانية الرسمية بعد أن نجحت في إيصال صوت الدولة السودانية إلى المنصات القارية، وتحريك الضمير الأفريقي تجاه ما يتعرض له السودان من عدوان خارجي وتمرد داخلي ذي امتدادات إقليمية، ومن شأن هذا الموقف أن يمهد الطريق أمام تحرك أفريقي منسق لمساءلة الدول المتورطة، في تقديم الدعم اللوجستي أو العسكري للميليشيا المتمردة.
تهديد إقليمي:
ويشكل تمدد ميليشيا الدعم السريع المتمردة في دارفور خطراً مباشراً على السلم الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي، والساحل والصحراء، في ظل وجود مؤشرات قوية على دعم لوجستي تتلقاه ميليشيا آل دقلو من دول ملاصقة للسودان، خانت الجوار، وخالفت المواثيق والأعراف الإقليمية والدولية، الأمر الذي يفرض على الاتحاد الأفريقي الاضطلاع بمسؤولياته كاملة وعاجلة في التحقيق ومحاسبة أي دولة أو جهة تدعم الميليشيا، باعتبار أن هذا السلوك لا يهدد السودان وحده، بل يفتح الباب واسعاً أمام فوضى عابرة للحدود قد تمتد إلى عمق القارة الأفريقية.
دور منتظر للحكومة:
ووفقاً لمحللين سياسيين، فإن الحكومة السودانية ينتظرها دور متعاظم في هذه المرحلة الحرجة، إذ يتوجب عليها التحرك على مستويين متوازيين، بحيث يكون المستوى الأول سياسي ودبلوماسي يركز على تبصير المجتمعين الإقليمي والدولي بحقيقة الجرائم والانتهاكات الموثقة التي ترتكبها ميليشيا الجنجويد في دارفور وكردفان، والعمل على عزلها وتجفيف مصادر دعمها، فيما يمضي المستوى العسكري في إعلان التعبئة العامة والاستنفار الوطني لاستعادة المدن والولايات المحتلة، والتوجيه الفوري للمتحركات والقوات المساندة إلى غرب البلاد كخطوة ضرورية لرد العدوان واستعادة هيبة الدولة.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر،، فإن ما حدث في مدينة الفاشر يمثل جرس إنذار استراتيجي لمستقبل السودان ووحدته، فصمت المجتمع الإقليمي والدولي عن هذه الجرائم سيسمح للنار بالتمدد إلى ما وراء الحدود، الأمر الذي يؤكد أن مسؤولية الاتحاد الأفريقي، والمجتمع الدولي باتت أكبر من أي وقت مضى، فإما أن يتحركوا جميعاً لإنقاذ السودان، وإما أن يدفع الإقليم بأسره ثمن التهاون مع ميليشيا لا تؤمن إلا بالعنف والفوضى والدمار.