
أذكر قبل تسمية الدكتور كامل الطيب إدريس رئيسا لمجلس الوزراء في السودان كنت قد دعوت نحو ثلاثين من القيادات السياسية وغير السياسية في “صالون الأمير” في العاصمة الإدارية بورتسودان للتفاكر حول الوضع في السودان، وضم اللقاء قيادات حزبية، وقيادات في حركات الكفاح المسلح، وقيادات نقابية، وزعماء إدارات أهلية، ومشائخ طرق صوفية،
وبعد التواثق علي الوقوف مع القوات المسلحة في معركة الكرامة، ودعم الشرعية، اتفقنا أن يكون همنا الأساسي هو توحيد الجبهة الداخلية بالعمل وسط القواعد، والتبشير بوطن واحد يسعنا جميعا، بلا تمييز ولا إقصاء، وتعاهدنا علي عدم التدخل في تشكيل الحكومة، ولا نسعي للمشاركة فيها باي شكل من الأشكال.
ذكرت ذلك لأوكد أن ما أقول ليس رأيا عارضا، أو رد فعل لمقابلة بعض القادة السياسيين للدكتور كامل إدريس، إن لم يكن بغرض المشاركة في الحكومة المرتقبة، فعلي الأقل بمشاركة الرأي والمشورة، ومعلوم أن هذا اللقاء أثار ردود غاضبة من كثير من القوي السياسية، ولم تكن غضبتهم بسبب اللقاء، ولكنهم غضبوا لان اللقاء تجاوزهم، فغضبوا لان اللقاء يمكن أن تتمخض عنه مشاركة في الحكومة ويخرجون “من المولد بدون حمص”
وهذا بالطبع يختلف عن موقفنا، وموقف كثيرين من الذين يزهدون في المشاركة في هذه الحكومة، ويزهدون حتي بالمشاركة في الرأي في ترشيح وزرائها، وفي تقديري أن اكبر خطأ وقع فيه الدكتور كامل إدريس هو توسيع دائرة المشاورة لاختيار الوزراء، واستشار في ذلك الذين لا يعلمون قبل الذين يعلمون، والذين لا يملكون الحق قبل الذين يملكون، وذهب ابعد من ذلك بأن طلب من كل من يأنس في نفسه الكفاءة يقدم سيرته الذاتية، وهل يوجد من بين السياسيين السودانيين أحد لا يأنس في نفسه الكفاءة!
إن الطريقة التي اتبعها السيد إدريس في المشورة هزت المقام الرئاسي الرفيع، وجعلته محل سخرية كثيرين، هذا فضلا عن انها أدخلته في سكك وشبك، نسأل الله أن يحله منها.
وأقول في الختام أنه لا يوجد من يستحق المشورة سوي المجموعة العسكرية التي أتت به الي هذا الموقع، وأطراف سلام جوبا الأصليين المرابطين مع القوات المسلحة والقوات النظامية الأخري، ومع الشرفاء من أهل السودانيين الوطنيين الذين يقاتلون دفاعا عن الأرض والعرض والمال والنفس والولد.
واذا أراد السيد إدريس تصحيح المسار، فليوقف الآن، وفورا أي حوار مع كل المكونات السياسية وغير السياسية، ويطلب اليوم قبل الغد من أطراف سلام جوبا الأصليين الوظنيين تسمية مرشحيهم للمقاعد الوزارية المخصصة لهم كما فعل العسكريون في مقعدي وزيري الدفاع والداخلية ، ويراجع مع العسكريين بقية المرشحين المهنيين، وليتخذ من ذكري الهجرة النبوية، ومطلع العام الهجري الجديد فرصة مباركة لإعلان حكومة الأمل.