الأعمدةمن أعلي المنصة

من لا يدفع ثمن كرامته اليوم….سيدفع ثمن إذلاله غداََ

من أعلى المنصة

ياسر الفادني

في لحظة يظن فيها البعض أن السودان قد يرهق أو ينحني، يخرج صوت الدولة الحقيقي ليقول ما عجز كثيرون عن قوله: إن معركة الكرامة ليست ورقة تفاوض، ولا ساحة لتجريب الوسطاء، ولا بوابة لمن يبحث عن نفوذ فوق جراح السودانيين، هناك خطٌ أحمر يتشكّل اليوم بوضوح: السودان لن يقبل وساطة تأخذ شكل المساعدة بينما يدها الأخرى تعبث بنيران الحرب، وحين يصبح الوسيط جزءاً من الأزمة، فهو يسقط أخلاقياً وسياسياً، تماماً كما تسقط الأقنعة حين يُفتح باب الحقيقة

 

الإشارات التي تصاعدت نحو دور بعض الدول في دعم المتمردين لم تعد مجرد تحليلات، لقد رأى السودانيون بأعينهم كيف تتحول شعارات السلام إلى صناديق ذخيرة، وكيف تُستبدل شعارات الاستقرار بخطابات تحريض ومالٍ يضخّ الفوضى، من يموّل الخراب لا يملك شرف الحديث عن الحلول، ومن يرعى التمرد لا يستحق الجلوس على طاولة تبحث عن مستقبل البلاد

 

أما تلك السرديات المستوردة من غرف مظلمة تحديداً ما يتعلق بحديث (الإخوان داخل الجيش) ! فهي ليست أكثر من بضاعة سياسية فاسدة، صنعتها دولة بعينها لتبرير تدخلها في شؤون السودان، وتزيين جرائم وكلائها، هذه الرواية لا تنطلي على أحد، لا على السودانيين ولا على من يعرف طبيعة الجيش السوداني الذي أثبت عبر عقود أنه ليس ذراعاً لأحد ولا ملعباً للأيدي الخفية

 

وفي مقابل هذا العبث، تتقدم المؤسسة العسكرية بواجبها الطبيعي: حماية الأرض، واستعادة المناطق التي دنّسها التمرد، ومواجهة مليشيا وُلدت من رحم الطموح الشخصي وتغذت على دماء الأبرياء، إنها جماعة لم تكتفِ بالقتل والنهب، بل حاولت صناعة واقع جديد بقوة السلاح، وكأن السودان أرض بلا شعب أو ذاكرة، لكن ذاكرة السودانيين طويلة، ولا تنسى من يذبح أهلها ثم يطلب منهم التصفيق

 

اليوم يقف السودان أمام لحظة مفصلية: إما أن ينتصر لصوته وقراره وسيادته، أو يفتح الباب للابتزاز وللوصاية الخليجية والدولية التي لا ترى في الخرطوم سوى ساحة نفوذ، ومن المؤكد أن الشعب الذي قاوم الانقلابات والأنظمة والضغوط والحصار، لن يسمح بأن يتحول بلده إلى جائزة تمنح للفائز في صفقات خلف الكواليس

 

معركة السودان اليوم ليست معركة حدود فقط، بل معركة وعي، معركة ضد الاستسهال، ضد قبول الوسيط الملوّث، ضد التطبيع مع التمرد، وضد روايات التضليل، إنها معركة تقول فيها الدولة لشعبها: لن نصمت، ولن نختبئ، ولن نترك البلد يُدار بالريموت من وراء البحار

 

إني من منصتي أنظر…. حيث أري جليا…. معركة كرامة…

ومن لا يدفع ثمن كرامته اليوم، سيدفع ثمن إذلاله غداً.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى