
تأملات
جمال عنقرة
نعم .. البرهان وعقار
رغم الحزن والاسي الذي كان يعتصرنا ونحن نشارك حبيبنا هيثم التهامي الاحزان ونجالسه في بيته العابر في بورسودان نستقبل معه المعزين في فقيدتنا جميعا شقيقته ابتسام إلا ان هموم وأحزان بلدنا المبتلي بالمليشيا والمتآمرين من القريبين والبعيدين والدنيئين من أبنائنا العاقين لم تفارقنا، فكنا احيانا نتجاذب الحديث حول قضايا الوطن وهمومه، وفي تلك المجاذبات سألني احد الزملاء انً كنت لا زلت علي موقفي الداعم لترشيح السيد البرهان رئيسا لمجلس السيادة بالزي المدني، ويبقي معه فقط من أعضاء المجلس الحاليين السيد عقار نائباً له ورئيسا لمجلس الوزراء.
صحيح ان ظرفي الزمان والمكان لم يتيحا لي الوقت الكافي للشرح الوافي لأسباب تمسكي بخياراتي التي طرحتها قبل ذلك في اكثر من مقال، لكن الأمر يحتاج ان نشرك معنا القراء ايضاً لتوسيع دائرة الشوري والمفاكرة.
والمفروض قبل الحديث عن من يقود المرحلة المقبلة، ومن يشارك في القيادة حاكما او مستشارا او مساندا’ لا بد ان نحدد اولاً تحديات المرحلة ومطلوباتها، وفي تقديري ان اهم وأعظم هذه التحديات هو الحفاظ علي وحدة وتماسك القيادة، ووحدة وتماسك الكتلة الصلبة لجنود ووقود معركة الكرامة، ومعلوم ان المصيبة تجمع المصابين، والنعمة تفرقهم، ومعلوم ان فتنة الحكم اعظم من أي فتنة اخري، ولقد فتنت من اهم اعظم منا جميعا، اصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم، والفتنة التي بدأت بخلاف سياسيي في سقيفة بني ساعدة وصلت الي اقتتال كان ذروته معركة الجمل التي كان في طرفيها سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، وأم المؤمنين عائشة بنت ابي بكر الصديق رضي الله عنهما، لذلك يستوجب علينا ان نحتاط لهذه الفتن ونعمل لها ترليون حساب
لا سيما وان بذورها قد غرست في ارضنا ويوجد من يعملونها علي ربها وسقايتها من المتربصين ببلدنا، والذين يصطادون في المياه العكرة،
الكتلة الصلبة من قيادة ووقود معركة الكرامة يقودها قادة الجيش برموزهم في مجلس السيادة البرهان وكباشي والعطا وجابر، جيشنا الذي اثبت جدارة أخرست كل الذين كانوا يهتفون (معليش ما عندنا جيش) وكل القوات النظامية الاخري (امن يا جن) والشرطة نار وشرار، والحركة الشعبية الجبهة الثورية بقيادة عقار، اول قوات انداحت في القوات المسلحة وقاتلت معها في معركة الكرامة كتفا بكتف وحركات الكفاح المسلح بقيادة الحركتين الرئيسيتين العدل والمساواة بقيادة جبريل، وجيش التحرير بقيادة مناوي، مشتركة فوق، مورال فوق، وهم لم يكتفوا بالقتال دفاعا عن فأسر ابو زكريا اداب العصاة زول زول، وإنما قاتلوا في كل مكان دفاعا عن السودان الوطن الواحد ما قد كان وما سيكون بإذن الله تعالى، ومن الكتلة الصلبة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، ومن يثبت معه علي مبادئه الثابتة من أبنائه وخلفائه وقادة حزبه ومن رموز الثبات حتى اللحظة نجله السيد عبد الله المحجوب والأمير احمد سعد عمر، والمجموعة الصامدة التي تشرف بورتسودان هذه الأيام، ومن المجموعة الصلبة تيار المواجهة في حزب الأمة القومي الذي خرج عن طوع تيار الوجاهة في الحزب الذي وقع في احضان المليشيا والمتآمرين، ويقود تيار المواجهة الأمير الفريق عبد الرحمن الصادق المهدي والفريق صديق إسماعيل ورؤساء الحزب في الولايات، ومن الكتلة الصلبة المجاهدين من الإسلاميين الذين خرجوا من السجون الي ميادين القتال، وشباب الحركة الإسلامية الذين تركوا مواقعهم في أماكن العمل والدراسة وتقدموا الصفوف يدافعون عن الدين والوطن، ومن رموز هولاء احمد هارون الذي يتجول بين صفوف المجاهدين غير محتاط لأي خطر. وعلي كرتي الذي باع كل ما يمكن انً يباع مما يملك لدعم الجهاد والمجاهدين، والدرديري محمد أحمد والصادق الزريقي اللذان لم ينصاعا الي المتمردين من الأهل والعشيرة كما فعل اخرون كنا نظنهم من المحسنين، ووقفا مع الحق مدافعين ومنافحين. ومن الكتلة الصلبة شباب ثوار ديسمبر الذين خلعوا التيشيرات ولبسوا الكاكي وتقدموا صفوف القتال مع البرائين والدبابين
ومن الكتلة الصلبة لمعركة الكرامة الأبطال الشجعان من قيادات الإدارة الأهليّة وفي مقدمتهم قائد ثورة ٢٥ اكتوبر الناظر المجاهد محمد الأمين ترك، رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة والسلطان الصامد المحتسب سعد عبد الرحمن بحر الدين سلطان دار مساليت، والناظر المرابط عبد القادر منعم منصور ناظر عموم قبائل دار حمر، والناظر المقاتل اسامة الفكي ناظر عموم البزعة، ومن الكتلة الصلبة لمعركة الكرامة الصامدون من مشائخ الطرق الصوفية بقيادة شيخ مشايخ الطريقة السمانية الشيخ عبد الرحيم محمد صالح، ومن المشائخ الشباب الشيخ محمد مصطفي الياقوتي والشيخ اسامة محمد احمد، ومن الكتلة الصلبة الاصيليون من رجال الأعمال سعود البربر والكاردينال والسوباط ومعاوية البربر وشيخ العرب يوسف احمد يوسف وغيرهم من الذين كان لهم دور كبير في امتصاص اثار الصدمة وكثير لا يعلمه إلا الله، ومن الكتلة الصلبة عمال السودان الأوفياء الذي يشكلون اكبر تجمع متنوع ومتماسك في السودان بقيادة يوسف عبد الكريم ونا ئبه الصادق كودي، ومن الكتلة الصلبة المحامون الوطنيون بقيادة نقيبهم عثمان الشريف. ومن الكتلة الصلبة جنود مجهولون لا يعلمهم إلا رب العالمين الذي يعلم السر وأخفي.
هذه الكتلة الصلبة لمعركة الكرامة الحفاظ عليها متماسكة وقوية هو اوجب واجبات المرحلة الحالية والمقبلة، مرحلة التاسيس والعبور، وهؤلاء لا يتطلعون للمشاركة في الحكم ولا يرغبون في ذلك، لكنهم لا بد انً يستأنس برايهم، ولا بد أن تعبر الحكومة المقبلة عن اشواقهم التي جاهدوا واستشهدوا من اجلها، وهم لا يتطلعون الي اكثر من وطن شريف عزيز كريم ودولة تقوم علي الحق والواجب تستوعب السودانيين جميعا دون عزل او إقصاء او تمييز او تفضيل لاحد علي غيره من أهل السودان.
وترشيحي لسعادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان رئيسا لمجلس السيادة وقائدا اعلي للقوات المسلحة بالزي المدني، لأنه هو قائد هذه الكتلة الصلبة ورمزها، ولأنه اثبت عبقرية في القيادة تؤهله وحده لان يحافظ علي تماسك الكتلة الصلبة لمعركة الكرامة والحفاظ علي وحدة السودان وتماسكه، وقلت بالزي المدني ليكون ذلك شعارا للمرحلة، التحول لحكم مدني ديموقراطي كامل الدسم.
أما ترشيحي لسعادة الفريق ملك عقار لرئاسة مجلس الوزراء فضلا عن نيابته للرئيس في مجلس السيادة، ذلك أني ومعي كثيرون جدا، لا سيما من قادة ورموز الكتلة الصلبة لمعركة الكرامة نعتقد انً عقار نعمة من نعم الله علي أهل السودان في هذا الزمان، فكانت أقواله ومواقفه المفصلية بمثابة خارطة طريق للشعب والحكومة معا، فلما تم اختياره نائبا لرئيس مجلس السيادة لم يتردد ثانية رغم ان المعركة وقتها كان ظاهرها أنها تسير لصالح المليشيا، وفي أول خطاب له رسم خارطة الطريق وأوضح المعالم التي كانت واضحة له قبل أن يعود إلي السودان، فأكد ان العدو واحد هو المليشيا ومن معهم مؤيدا او داعما، وان السودانيين عليهم ان يتوحدوا جميعا لمواجهة هذا العدو، واشار الي ان المبادرات الخارجية كلها ملغومة، وان الحل لا بد ان يكون سوداني شاملا لا يستثني احدا، وعقار هو او من اسمي المرحلة المقبلة مرحلة التأسيس، وشتان بين التأسيس والانتقال، وتجربة السيادة والإشراف السابقة أكدت انً عقار استفاد كثيرا من تجاربه العميقة المتنوعة ورفقته لقادة ومفكرين عظماء أمثال جعفر نميري وابراهيم منعم منصور ومهدي مصطفي الهادي وجون قرنق ومنصور خالد، وتعتبر الوزارات التي يشرف عليها عقار هي الأميز في ادائها مثل التربية والتعليم والتعليم العالي والصحة والنفط، ونسال الله ان يقيل عثرات وزارة الثقافة والإعلام، والملك عقار لا تكبله القيود التي تكبل كثير من السياسيين السودانيين، مثل قيود وأغلال الحزبية الضيفة والقبلية البغيضة والدينية المتعصبة، وعقار لا يفتنه مال ولا سلطة ولا جاه، علته الوحيدة انه زاهد ولا يرغب في الاستمرار في الحكم في أي موقع من المواقع بعد التحرير الكامل لتراب الوطن من دنس المليشيا، مثله في ذلك مثل أسد السودان الهصور كبش، ولكن عزاؤنا انً عقار ضعيف جدا امام نداء الوطن. فقد يسهل إقناعه بالاستمرار حتي عبور المرحلة الخطرة من فترة التأسيس.
ولا زلت عند مقترحي القديم انً يذهب أعضاء مجلس السيادة الحاليين الي مواقع هي مكانهم الطبيعي، ويحسنون فيها الأداء في مرحلة التاسيس فيذهب كباشي وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة والعطا رئيسا لهيئة الأركان وجابر وزيراً للاستثمار ويعود عبد الله يحي الي وزارة الطرق والجسور ويبقي جبريل في المالية ومناوي حاكما لدارفور ومفضل مديرا للجهاز وسايرين وزيرا للداخلية، ونكون بذلك قد حافظنا علي مشاركة رموز وأبطال معركة الكرامة في قيادة حكومة التاسيس وهذا يعزز من تماسك الكتلة الصلبة لمعركة الكرامة ويفوت الفرصة علي الذين يريدون انً يصطادوا في المياه العكرة.
مجلس السيادة المدني الجديد يشارك فيه القادة المدنيون للكتلة الصلبة من كل أنحاء السودان، وكنت قد رشحت ستة يمثلون أقاليم السودان الستة القديمة، الناظر ترك للشرق وأزهري مبارك للشمال والسلطان سعد بحر الدين لدارفور والناظر أسامة الفكي لكردفان والشيخ التوم هجو للوسط والشيخ عبد الرحيم محمد صالح للخرطوم.
واقترح اليوم أن يتم تشكيل برلمان تأسيسي من ٤٠٠ من قيادات معركة الكرامة عشرة من كل ولاية يكون فيهم واحد من الإدارة الأهلية وواحد من الطرق الصوفية وواحد من التيارات والجماعات الاسلامية الاخري وواحد من أهل الديانات الاخري وواحد من العسكريين المتقاعدين وواحد من المقاومة الشعبية وواحد من الشباب واثنان من النساء، ويتم اختار ١٨٠ من الكلية القومية عشرة من كل مجموعة من المجموعات السابقة، وعشرين من النساء، ويتم اختيار أربعين من الكفاءات والخبرات-
وكنت قد اقترحت ايضاً أن يفك تجميد الاتحادات والنقابات المهنية. وتتحول اللجان التنفيذية الي لجان تمهيدية الي حين قيام انتخابات جديدة، واقترح احد الإخوة ألا يترشح أعضاء اللجان التمهيدية في الانتخابات المقبلة، ووافقته الرأي.
ورغم أني شاورت كثيرين جدا ممن يعتد برايهم في هذه الأفكار والمقترحات، وان كثيرين منهم وافقوني الرأي لكن ذلك كله مجرد اجتهاد قابل للتصويب والحذف والإضافة والتعديل والتبديل، وبالله التوفيق والسداد.