
تأملات
جمال عنقرة
تضج المواقع الاسفيرية ومجالس المدن بأحاديث غن زيارة سرية قام بها الرئيس البرهان إلى العاصمة السويسرية جنيف بغرض التفاوض مع العدو، مليشيا ال دقلو، أو الكفيل حكومة الإمارات، أو كليهما معا، وبصرف النظر عن صحة المعلومة أو كذبها، فليس هذا هو المهم، فلقد رشحت أحاديث قبل ذلك كثيرة عن مثل هذه المفاوضات السرية مع أعداء للسودان قام بها مسؤولون رفيعون في الدولة، وثبتت صحتها، وحتى هذه اللحظة لم يصدر من الدولة بيان يكشف حقيقة تلك المشاورات، وماذا جري فيها، ولعل أشهر تلك المفاوضات السرية مقابلة الرئيس البرهان لرئيس الوزراء الاسرائيلي في العاصمة اليوغندية كمبالا بترتيب من الرئيس اليوغندي يوري موسفيني والراحلة نجوي قدح الدم، وكذلك لقاء المنامة بين عضو مجلس السيادة نائب القائد العام الفريق أول ركن شمس الدين كباشي مع نائب قائد المليشيا عبد الرحيم دقلو بترتيب مصري إماراتي، وهذان اللقاءان رغم تاكدهما تماما، لم تصدر الحكومة بشانهما بيانات واضحة، ونتيجة لذلك فشلا في تحقيق اي هدف إيجابي، بل خلفا آثارا سالبة، وأحدثا شروخا في جدار القيادة الحاكمة، وباعدا بينهم بما انعكس سلبا علي كثير من القضايا الداخلية، وفتحا منافذ لشياطين الإنس والجن معا، وساهما في اهتزاز الثقة بين القيادة والشعب، وفتحا أبوابا للشكوك والظنون.
وقبل الحديث عن زيارة سويسرا التي لا اعلم عنها شيئا ، أقول اني شخصيا مع مبدأ الحوار والتفاوض مع الجميع، مع المليشيا ومع الكفيل، ومع القوي السياسية المساندة، ومع المجموعات القبيلة الحاضنة، شريطة أن يكون الحوار علي أسس وثوابت واضحة، وان يكون بعلم من يهمهم الأمر في مستواه العالي والمحدود، فلا يعقل أن يلتقي الرئيس البرهان برئيس الوزراء الاسرائيلي وبعض اعضاء مجلس السيادة لا يعلمون، ولا يعقل ان يلتقي السيد كباشي بنائب قائد المليشيا وبعض اعضاء مجلس السيادة لا يعلمون، ناهيك عن عموم الشعب، ومعلوم ان الإثم هو ما حاك في النفس وخشي صاحبه أن يطلع عليه الناس، لذلك فان كل لقاءات قيادات الدولة السرية مع الاعداء والخصوم تحوم حولها الظنون والشبهات، لأنها تدار بطريقة مريبة، وتخالف ما يقولون، ومعلوم انً شعار القادة العسكريين بصفة خاصة (لا تفاوض) وعلي الرغم من أنني لست مع هذا الشعار، ولكن علي أصحابه الالتزام به حتي يعلنوا غيره، ولكن ان يرموا إشارة يمين ، ويلفون شمال، يفقدون مصداقيتهم عند الشعب، الذي يمثل السند والعضد الأساسي لهم في معركة الكرامة.