
السودان ..نجوم في جدار التاريخ. ( 3)الفريق إبراهيم عبود
دكتور ياسر احمد ابراهيم.
يظل الفريق إبراهيم عبود، أول حاكم عسكري بعد استقلال السودان، إحدى أكثر الشخصيات إثارة للجدل في تاريخ السودان الحديث. فقد جاء إلى السلطة عام 1958 بعد ثلاث اعوام من الاستقلال تقريبا في لحظة انسداد سياسي بين الحزبيين الطائفيين( الامه والاتحادي)، مقدّمًا نفسه كرجل إدارة يسعى إلى وقف الفوضى الحزبية وبناء دولة حديثة.
ورغم قصر فترة حكمه، شهد السودان في عهده طفرة تنموية واسعة شملت *إنشاء خزان الروصيرص وخشم القربة، توسعة مشروع الجزيرة والمناقل، تأسيس مصانع السكر والنسج، مدّ خطوط السكة الحديد، إنشاء الخطوط الجوية والبحرية السودانية*، *تأسيس بنك السودان، وانطلاق التلفزيون والمسرح القومي. وهو إرث يرى فيه كثيرون “عهد البناء الحقيقي”.*
لكنّ التجربة لم تخلُ من الأخطاء. فقد *تصاعد التوتر في الجنوب بعد سياسات التعريب وتقليص نفوذ الإرساليات الاجنبيه* بعد ان كانت منطقه مقفوله منذ زمن الاستعمار يمنع فيها التعليم الاسلامي واللغه العربيه، وبرزت انتقادات لتقييد الحريات، إضافة إلى الجدل المستمر حول *ملف تهجير اهالي حلفا وبناء السد العالي* وإعدام ضباط محاولة علي حامد. هذه التحديات ـ إلى جانب الضغط الشعبي و التدهورالاقتصادي بسبب مقاطعه الدول الغربيه بتحريض من اللوبي الصليبي ـ *مهّدت لثورة أكتوبر 1964 التي أنهت الحكم العسكري الأول.*
*وبين من يراه رائد التنمية الحقيقي* ومن يحمّله مسؤولية عسكرة السياسة، يبقى عبود نموذجًا معقدًا في تاريخ السودان: قائدًا جاء بملء فراغ سياسي، ورحل بلا دماء، وترك إرثًا لا يزال محل نقاش بين البناء والجدل.