
شئ للسياحة
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
يحتفل العالم في السابع والعشرين من سبتمبر كل عام باليوم العالمي للسياحة ، وهو فرصة للتأمل في أهمية هذا القطاع الحيوي ودوره في التنمية الاقتصادية والثقافية. بالنسبة للسودان، الذي يمتلك إرثًا سياحيًا هائلاً، يأتي هذا اليوم لتطرح تساؤلات ملحة حول كيفية استغلال هذه الموارد الهائلة، خاصة في مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار. رغم أن السودان غني بالآثار، والمواقع التاريخية، والموارد الطبيعية المتنوعة، إلا أن قطاع السياحة لم ينل حتى الآن الاهتمام الذي يستحقه. إن إعادة بناء هذا القطاع يمكن أن يمثل رافدًا اقتصاديًا مهمًا ووسيلة لتعزيز الهوية الوطنية والتواصل الثقافي.
إن السياحة في السودان بعد انتهاء الصراع المسلح تتطلب خطة شاملة ومدروسة. فالآثار والتاريخ الحضاري في السودان، مثل أهرامات مروي التي تفوق عددها أهرامات الجيزة، يمكن أن يكون نقطة انطلاق قوية لجذب السياح. . هذه الأهرامات التي تعود إلى مملكة كوش العظيمة، بالإضافة إلى كنوز حضارات كرمة، ونبتة، والممالك المسيحية، تعتبر كنزًا غير مكتشف ينتظر أن يرى النور. لتحقيق ذلك، يجب على الدولة منح فرص للنهوض بالقطاع السياحي، وتدريب الكوادر في مجالي الفندقة والسياحة، ووضع خطط تسويقية وترويجية فعالة.
تضطلع منظمات المجتمع المدني المتخصصة في السياحة، مثل منظمة اصدقاء السياحة السودانية، بدور حيوي في الترويج للوجهات السياحية ونشر الوعي بأهميتها. يمكن لهذه المنظمات أن تعمل على توثيق المواقع الأثرية، تنظيم الفعاليات السياحية، وتوفير المعلومات للسياح. كما أن للإعلام السياحي دورًا لا يقل أهمية، حيث يجب توجيهه لنشر ثقافة السياحة بين المواطنين، وتبصيرهم بأهمية التراث الوطني، وتشجيعهم على زيارة المواقع السياحية داخل بلادهم. يمكن للإعلام، من خلال برامج وأنشطة متخصصة، أن يساهم في رفع الوعي وتعزيز ثقافة السياحة الداخلية.
تعتبر السياحة رافدًا اقتصاديًا هامًا، كما هو الحال في دول مثل الأردن التي تهتم بالسياحة الطبية، ومصر التي تعتمد بشكل كبير على السياحة في رفد خزينة الدولة. لذا، فإن إنشاء المجلس الأعلى لتنشيط السياحة في السودان أصبح ضرورة ملحة. سيكون هذا المجلس بمثابة جهة تنسيق عليا تعمل على توحيد جهود كافة الجهات المعنية، بما في ذلك القطاع الحكومي والخاص ومنظمات المجتمع المدني. يمكن للمجلس أن يساهم في:
وضع استراتيجيات طويلة الأمد لتنمية القطاع السياحي.
تسهيل الشراكات الذكية مع المنظمات الدولية في مجالات الترميم، والتوثيق، والترويج.
تخصيص الموارد اللازمة لتطوير البنية التحتية السياحية.
مراقبة جودة الخدمات السياحية المقدمة وضمان توافقها مع المعايير الدولية.
من خلال هذه الجهود المتكاملة، يمكن للسودان أن يضع نفسه بقوة على خريطة السياحة العالمية، ويستفيد من كنوزه الأثرية والتاريخية لتحقيق التنمية المستدامة، وتقديم تجربة سياحية فريدة ومختلفة عن باقي الدول.