
الأستاذ الكريم/ جمال عنقرة
تحية طيبة وتقديراً واحتراماً،
قرأنا باهتمام بالغ مقالتكم الموسومة ـ”تحالف قوى الكرامة .. الكلام دخل الحوش”، والتي عبرتم فيها عن موقف وطني واضح تجاه المستجدات الإقليمية، لا سيما في ما يتصل بعلاقات السودان بدولة الإمارات العربية المتحدة. نُقدر في طرحكم غيرتكم على الوطن، وتمسككم بالسيادة الوطنية، ودعمكم للقوات المسلحة في معركتها المصيرية.
وفي الوقت ذاته، نرى – ومن باب الحرص المشترك على مصلحة السودان العليا – أن السياسة الدولية لا تُدار بردود الأفعال أو بدافع الغضب، بل بحسابات دقيقة تُوازن بين المبادئ والمصالح، وتقرأ الخارطة الإقليمية بكل تعقيداتها.
ولا يفوتنا في هذا السياق التذكير بأن تجربة السودان في حرب الخليج الأولى ليست ببعيدة عن أذهاننا، فقد تسببت مواقف سياسية غير متزنة آنذاك في إلحاق ضرر بالغ بمصالح السودان الاستراتيجية، وأدت إلى مضايقات كبيرة طالت جاليتنا في الخليج، لا سيما في المملكة العربية السعودية. وحينها، وبدلاً من احتواء الموقف، انزلق إعلامنا الوطني إلى خطاب عدائي تجاه قيادة المملكة، ما أسهم في تدهور العلاقة مع دولة شقيقة ومركزية، وجعل السودانيين المقيمين في الخليج يتحملون تبعات لا ذنب لهم فيها.
إننا اليوم في ظرف أكثر تعقيداً، ولا نملك ترف الوقوع في الأخطاء ذاتها. لذلك، فإن التعامل مع قضية بحجم الاتهام الموجه للإمارات – إن ثبت فعلاً – يجب أن يتم عبر قنوات دبلوماسية رصينة، ونحو منظومة مجلس التعاون الخليجي برمتها، باعتبار أن أي توتر مع دولة عضو فيه قد يُفضي إلى انعكاسات أوسع تتجاوز العلاقة الثنائية.
في المقابل، فإن توحيد الصف الداخلي يظل ضرورة لا جدال حولها، على أن يتم هذا التوحيد استناداً إلى الحقائق والمعلومات الدقيقة، وليس إلى التعبئة السياسية أو الخطاب الثوري، خاصة في ظل حاجتنا القصوى إلى خطاب وطني جامع لا يستثني أحداً.
نكرر احترامنا لشخصكم الكريم، ولحرصكم المعهود على استقلال القرار الوطني، وندعو إلى التحلي بالحكمة وضبط الخطاب الإعلامي والسياسي بما يُحقق مصلحة السودان ويحفظ كرامته ويصون مستقبله.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،
الهادي سعيد هدي – جدة 08 مايو 2025م.