
منصة
أشرف إبراهيم
*تسّبت حرب المليشيا في دمار كبير وغير مسبوق للبنية التحتية وقطاعات الإنتاج ودمّرت المؤسسات والمباني ،وأثّرت بصورة كبيرة على الاقتصاد وأدت إلى تراجعه وارتفاع التضخم وصنعت الكثير من الكوارث في بلادنا.
*ورغم حجم الخسائر والدمار ليس صعباً أن نعيد البناء ويستعيد الإقتصاد عافيته وتتمكّن البلاد من النهوض مجدداً، ولكن ثمّة شروط ومطلوبات وجَب تحققها إن أردنا التعافي الإقتصادي وبدونها لن نتقدم قِيد أنملة.
*أولى المطلوبات محاربة الفساد وقد كثُر الحديث عنه في أروقة الدولة ومؤسساتها ،بالرغم من الخراب والحرب الوجودية التي يخوضها السودان وتحتاج إلى تقوية الإقتصاد وتوجيه الموارد وضبطها يتسلل اللصوص والفاسدين إلى أضابير مؤسسات الدولة ويخترقون مكاتب القيادات والوزارات.
*ليس سراً الحديث عن الفساد و”الكوميشنات” والصفقات المشبوهة في مؤسسات الحكومة، فقد بات يتداول على نطاق واسع في الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي منه ماتم كشفه صراحه وما تداولوه بالإشارات الواضحة.
*ورغم تكرار الحديث عن الفساد، لم نسمع عن تحرك رسمي جدي لمكافحته ولا تقديم الفاسدين للمحاكم ،وفي مثل هذه الأوضاع الفوضوية يجد الفاسدين المناخ والفُرص المواتية للثراء وممارسة النهب دون خوف من رقيب أو حسيب ،وشجّع على إستشراء الفساد انشغال القيادة بقضية الحرب، ذات الحرب التي يتخذها البعض ذريعة للتكسُب بإعلان دعم القوات المسلحة مقابل الصمت على مايفعلون.
*البعض يجدون حماية بالتقرّب من قيادات في المجلس السيادي وبعض الوزراء والنافذين، وتتحدث مجالس المدينة الساحلية همساً وجهراً عن فساد محمي ويقال هذا من “شلة” زيد وذاك من “شلة” عبيد ، والنتيجة ثراء فاحش يمد لسانه ساخراً من النازحين واللاجئين والذين يعانون من ويلات الحرب والفقر المدفع.
*على قادة الدولة الابتعاد عن الشُبهات، وعن مرمي الإتهامات بالمحسوبية وتقريب هؤلاء وإبعاد آخرين، وفتح باب الإستثمار النظيف والشفاف أمام الجميع بعدل ومساواة، ويجب تفعيل القانون وإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد وردع الفاسدين وإلا فلن ينصلح الحال المائل .
*أيضاً من الأهمية بمكان محاربة البيروقراطية القاتلة في مؤسسات الدولة والتي تسببت في فشل الإستثمار وهروب المستثمرين رغم وجود القوانين و الورش والملتقيات التي أوصت بتسهيل الإجراءات، ولكن لايزال الوضع كما هو بل أسوأ ،وسمعنا الكثير من القصص والحكايات المؤلمة عن هروب المستثمرين ورجال الأعمال الأجانب والوطنيين على حد سواء بسبب البيروقراطية وتعدد المؤسسات المعنية بإكمال إجراءات المشروعات الإستثمارية بالإضافة إلى مزاجية وفساد الموظفين الذين يعطّلون الإجراءات للمستثمر وطالب الخدمة لإجباره على تقديم رشاوي وهذه الممارسات موجودة في معظم المؤسسات للأسف .
*هنالك الكثير من المعوّقات في طريق الإستثمار سنخصص لها مقالات لاحقة ،ولكن محاربة البيروقراطية والفساد تأتي على رأس الأولويات وهي العقبات الأولى والأساسية وتتطلب مكافحتها جدّية ورغبة، وإطلاق يد المؤسسات العدلية والأمنية وتقويتها للقيام بدورها في هذا الجانب.
*نحتاج إلى إعادة بناء المعاني قبل المباني، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية لننتصر في حربنا على المليشيا ولننتصر في حرب البناء والإعمار والتعافي.