مقالات

حين يعتقل الجنجويد.. “صوت الحقيقة”

من حروفي

خالد الفكي سليمان

khalidfaki77@gmail.com

 

في زمنٍ يُفترض أن يكون فيه الصحفيّ عينَ الحقيقة ولسانَ المكلومين، تحوّل القلم إلى تهمةٍ والكاميرا إلى سلاحٍ يُخشى أكثر من البنادق في نظر مليشيات الجنجويد المملوكة لأسرة آل دقلو الإرهابية، التي ما فتئت تُمعن في انتهاك أبسط القيم الإنسانية، وتتمادى في قهر الكلمة الحرة واغتيال الصوت المهني.

لقد تجاوزت جرائم هذه المليشيات حدود القتل والتدمير إلى مطاردة الحقيقة نفسها، باعتقالها وتعذيبها في أجساد الصحفيين والإعلاميين الذين حملوا مسؤولية توثيق المأساة ونقل صور الكارثة للعالم. ومن بين هؤلاء الزميل معمر إبراهيم، مراسل قناة الجزيرة، الذي لم يرتكب جرماً سوى أنه مارس واجبه المهني، فتم اعتقاله واقتياده إلى مصيرٍ مجهول، شأنه شأن عشرات الصحفيين الذين أُخفيت آثارهم في أقبية الجنجويد، وتعرضوا لأبشع صنوف التعذيب الجسدي والنفسي.

إن ما تمارسه مليشيات آل دقلو هو إرهابٌ منظم ضد حرية الصحافة، ومحاولةٌ يائسة لطمس الحقائق التي توثق جرائمهم بحق المدنيين العُزل والمؤسسات العامة والأعيان المدنية. فهؤلاء لا يطيقون عدسةً ترصد جرائمهم، ولا قلماً يكتب عن المذابح التي تُرتكب في حق الأبرياء، إذ يرون في الصحفي خصماً لا سلاح له إلا ضميره المهني، وعدوّاً وحيداً يمكن أن يفضح زيف دعاواهم أمام الرأي العام المحلي والدولي.

تأتي هذه الانتهاكات امتداداً لنهجٍ دمويّ يقوده محمد حمدان دقلو (حميدتي) وقادته، الذين لا يعترفون بحرية الإعلام ولا بحرمة الكلمة، في تحدٍ سافر لكل المواثيق والأعراف الدولية التي تحمي الصحفيين أثناء النزاعات. وهي جرائم تستوجب محاكمة عاجلة أمام العدالة الدولية، لأن من يُعذّب الكلمة الحرة إنما يقتل الضمير الإنساني نفسه.

ستبقى الحقيقة، مهما تعثرت أو سُجنت، أقوى من رصاصهم وأبقى من سلطتهم المؤقتة. فالكاميرا لا تموت، والقلم لا يُكسر ما دام في الأمة من يكتب باسم الحق والإنسان.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى