الأعمدةتأملات

خلافات المؤتمر الوطني.. وفقه البرهان

تأملات 

جمال عنقرة

ثلاثة أسباب دعتني لكتابة هذا المقال، أولها كلمة للشهيد الشيخ الداعية محمد سيد حاج قالها قبل سنوات من سقوط حكم الإنقاذ حذر فيها من سقوط الإنقاذ في تلك المرحلة لان البلد سوف تتحول الي فوضي، واشار الي حديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي يقول فيه (ستون عاما تحت امام جائر خير من يوم واحد بدون امام) وثانيهم مقال للصحفي السوداني عبد الرحمن ابراهيم مبني علي الفرية الإماراتية التي تزعم القبض علي شحنة سلاح يرسلها إسلاميون الي حكومة السودان، والثالث سؤال وجهه لي احد الإخوة لمعرفة موقفي مع من اقف من مجموعتي المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، مجموعة الداخل التي يقودها احمد هارون وعلي كرتي، ام مجموعة الخارج التي يقودها نافع علي نافع وابراهيم محمود.

وقبل الدخول في صلب الموضوعات الأساسية لا بد ان أشير الي أنني رغم بلوغ عهدي في الحركة الإسلامية نصف قرن بالتمام والكمال، لكنني لست عضوا في المؤتمر الوطني ولم اعمل في اجهزته سوي فترة محدودة بعد اجازة قانون التوالي الذي أتاح للأحزاب الاخري حرية العمل، فعملت في أمانة العلاقات الخارجية مع العبقري النمر الدكتور عبدالله سليمان العوض، وكنت مقررا للأمانة ومسؤولا عن ملفي العلاقات مع مصر وليبيا وكان ذلك علي أيام قيادة الدكتور الترابي للأمانة العامة، ثم صرت بعد ذلك مديرا لاعلام الحزب، وفي المفاصلة بعد قرارات رمضان المشهورة ذهبت مع الأصل وكانت لي ادوار محورية في تاسيس حزب المؤمر الشعبي، الي ان ابتعدت عن الجميع بعد ان تحول الأمر الي فتنة، وصرت اعمل مع كثيرين لتلافي تحول الفتنة الي مصيبة، وهذه قصص طويلة. ثم لا بد ان أشير الي أنني لم أتول أي وظيفة حكومية طوال سنوات حكم الإنقاذ الثلاثين، ولم اعمل في أي صحيفة حكومية، بل ان نظام الإنقاذ هو نظام الحكم الوحيد الذي أعتقلت فيه مرات عديدة لأسباب سياسية، وصودرت ممتلكاتي، وحوربت في معاشي، وهناك قرار اتخذته الحكومة وعممته لمحاصرتي فقط، وهو قرار إغلاق مراكز الجامعات الولائية في الخرطوم، حيث كان لي مركز تابع لجامعة الامام المهدي يضم خمسة الف طالب، كان هو الأكبر بين كل المراكز.

واعود للموضوعات الأصل، وابدأ بالثالث وهو السؤال مع من اقف، فلم استرسل مع سائلي كثيرا، فقلت له ما قال الرئيس البرهان وأغاظ كثيرين (المجد للبندقية) اقف مع من يقف مع الذين حملون السلاح دفاعا عن الأرض والعرض والنفس والدين والمال والولد، فمع أهل الداخل نقف ونقاتل، ولم أشا ان استرسل كثيرا في من هم الذين يقودون العمل في الداخل والذي يقودونه في الخارج، رغم انً من هم هؤلاء ومن هم اؤلئك وحدها تحدد مع من يجب ان يقف الإسلاميون، ويكفي الأخ علي كرتي انه كان من طليعة الشباب الإسلامي الذين حملوا السلاح في يوليو ١٩٧٦م ونازلوا نظام مايو في وضح النهار، ومنهم من لقي ربه شهيدا، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، ويكفي الأخ احمد هارون انه وحده من تصدي للدعم السريع وطرده من ولايته شمال كردفان شر طردة.

اما حديث الشيخ محمد سيد حاج فهو الذي يشرح ويوضح للناس جميعا منهج الإسلاميين – عموم الإسلاميين- في الوقوف مع الحكام او مناهضتهم، وهو ما يدحض ويفند اتهامات عبد الرحمن الامين الباطلة، وكما هو معلوم ان محمد سيد حاج لم يكن من الإسلاميين او الإخوان المسلمين، ولم يكن إنقاذي، ولكنه داعية مؤمن صادق، ويعلم انً الدعوة لا تزدهر الا في بلد امن ولذلك حذر من سقوط الإنقاذ حتي لا نفقد الأمن والأمان.

وليس في هذا العهد وحده، اعني عهد حكم البرهان، وتحديدا بعد حرب المليشيا الملعونة المدعومة، ولكن تاريخ السودان السياسي منذ الاستقلال يشهد انً الإسلاميين وحدهم دون كل الأحزاب السياسية الاخري تاريخهم ذاخر بالجهاد والاستشهاد في سبيل الوطن، وكثيرا ما فعلوا ذلك، ولم يكونوا الاولي به، فعندما دعا الامام الشهيد الهادي المهدي للهجرة الي الجزيرة أبا لمناهضة ومنازلة نظام مايو الشيوعي لم يجد غير الإسلاميين، قادة وشبابا، الشهيد محمد صالح عمر والشيخ محمد محمد صادق الكاروري ومهدي إبراهيم وعبد المطلب بابكر واخرون، وفي يوليو ١٩٧٦م كان لقادة وشباب الإسلاميين نصيب الأسد في الجهاد والاستشهاد، الشيخ إبراهيم السنوسي الشهيد محمود شريف، الشهيد حسن سليمان، الشهيد عبد الإله خوجلي، الشهيد عبد الله ميرغني، علي كرتي، غازي صلاح الدين، علي خضر، واخرون كثر.

فليس غريبا انً يتقدم الإسلاميون اليوم الصفوف في معركة الكرامة، وهي معركة كل السودانيين، والإسلاميون اليوم قادة وقيادة لا يقاتلون باسم حزب، ولا يطلبون حكما ولا جزاء من احد، ولكنهم يقاتلون مع أهل السودان جميعا صفا واحدا خلف القوات المسلحة والقوات النظامية والقوات المشتركة للحفاظ علي وطن يتكالب عليه المتآمرون كما تتكالب الأكلة على قصعتها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى