مقالات

رئيس الوزراء كامل إدريس… قرارات تتصدّر العناوين وتغيب عن التنفيذ

 

 

بقلم: محمد عثمان الرضي

تكتسب القرارات والتوجيهات الصادرة عن رئيس الوزراء السوداني بروفيسور كامل إدريس زخماً إعلامياً لافتاً، غير أنّ معظمها لا يجد طريقه إلى التنفيذ الفعلي على أرض الواقع. هذه الفجوة بين الإعلان والتطبيق باتت سمةً ملازمة لنهج الحكومة في الفترة الأخيرة، ما جعل الشارع يتعامل مع تلك القرارات باعتبارها ردود أفعال أكثر من كونها خططاً مدروسة.

يُلاحظ بجلاء أن كثيراً من قرارات رئيس الوزراء تأتي تحت تأثير اللحظة، أو كرد فعل لضغوط ظرفية، دون أن تحظى بالدراسة الكافية أو المراجعة المؤسسية اللازمة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتدادها سلباً عليه وعلى حكومته. كما يُظهر المسار الذي اتخذته تلك القرارات منذ توليه المنصب أن معظمها لم يصمد طويلاً، بل تلاشى قبل أن يرى المواطن ثماره.

إن اتخاذ القرار قد يكون مهمة سهلة، لكن الصعوبة الحقيقية تكمن في القدرة على متابعته وتنفيذه دون أن تعرقله مؤسسات متداخلة تعمل أحياناً في اتجاهات متناقضة. فغياب التناغم بين أجهزة الدولة يفرغ القرارات من مضمونها، ويجعل البناء الحكومي يشبه مشروعاً يعمل فيه طرف على التشييد وآخر على الهدم.

وخلال لقائه الأخير بعدد من كبار الصحفيين بقيادة نائب رئيس اتحاد الصحفيين (منتهية ولايته) محمد الفاتح، قدّم رئيس الوزراء حزمة من الوعود، من بينها إنشاء صندوق لرعاية الصحفيين، إلى جانب تعهدات أخرى لتطوير قطاع الإعلام. غير أنّ مثل هذه الالتزامات—بحسب التجارب السابقة—نادراً ما تتجاوز جدران مكتبه.

وفي مشهد مشابه، استجاب رئيس الوزراء أمس لمطالب المتضررين من مستوردي المواد الغذائية عبر ميناء سواكن، وأصدر قرارات لصالحهم. لكن يبقى السؤال: هل ستلقى هذه القرارات مصيراً مختلفاً؟ أم ستلحق بسابقاتها التي انتهت دون أثر؟ فالنتيجة—كما يقول المثل—“العبرة بالخواتيم”.

ما يحتاجه رئيس الوزراء في هذه المرحلة هو مستشارون ذوو خبرة عملية، قادرون على قول الحقيقة دون مجاملة أو تردد، يضعون مصلحة البلد فوق كل اعتبار. فالدوائر الضيقة من المقربين الذين يحظون بثقته يؤثرون عليه كثيراً، لكن تأثيرهم حتى الآن لم ينجح في وضعه على المسار الذي يخدم الوطن ويحقق الاستقرار.

إن استعادة الثقة في القرارات الحكومية تبدأ من لحظة صدورها حتى لحظة تنفيذها، وما بينهما يكمن جوهر الإصلاح الحقيقي الذي ينتظره الشعب.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى