
سجن ( سعد تاركو) وحاول ابتزازه لإرغامه على بيع الشركة للدعم السريع،، ” عبد الرحيم دقلو”،، حينما يكون الحاكم (بلطجياً).. دقلو يعترف بامتلاكه أوامر قبض جاهزة تُستخدم كأداة نفوذ.. مراقبون: الدعم السريع استحوذ على مؤسسات وطنية بالتهديد والترهيب.. هذه الواقعة(……….) تمثل نموذجاً لاستغلال النفوذ خارج القانون.. سردية قدَّمها الإعلامي مهند الشبخ تؤكد أن دقلو كان يحكم بلا قانون..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
شهدت الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة ديسمبر 2018، والتي اندلعت احتجاجاً على الاستبداد وتغوّل الأجهزة الأمنية، اختلالاً لافتاً في ميزان السلطة، انعكس في ضعف إنفاذ القانون وغياب المساءلة، وفي ظل حكومة مدنية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك، وتحالف قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي، برزت اتهامات متكررة لميليشيا الدعم السريع باستخدام نفوذها العسكري لفرض إرادتها خارج الأطر المؤسسية، في مفارقة وصفها مراقبون بأنها تناقضت مع شعارات بناء الدولة المدنية وسيادة حكم القانون التي رفعتها الثورة، ويرى متابعون أن تلك المرحلة شهدت تشكّل واقع موازٍ، أُديرت فيه بعض المصالح العامة والخاصة بمنطق القوة، في ظل عجز مؤسسات الدولة عن ضبط السلاح أو حماية الأفراد والشركات من تغوّل النفوذ العسكري.
شهادة على سلوك خطير:
وانتشر على منصات التواصل الاجتماعي مقطع ڤيديو مصوّر للإعلامي مهند الشيخ، قدّم فيه سردية وصفها بالخطيرة، تتعلق بسلوكيات منسوبة إلى قائد ثاني ميليشيا الدعم السريع، عبد الرحيم حمدان دقلو، وقال الشيخ إن دقلو تحدث، خلال جلسة اجتماعية، عن وقائع احتجاز مدير شركة تاركو للطيران، سعد بابكر، دون سند قانوني، بغرض ممارسة ضغوط عليه للتنازل عن الشركة أو بيعها لصالح الدعم السريع، وأبان مهند أن حديث دقلو جرى بصورة علنية، وأمام عدد من الحضور، أثناء مأدبة غداء في منزل أحد الشخصيات المعروفة، مشيراً إلى أن عبد الرحيم دقلو تحدث بحسب روايته بلغة اتسمت بالتهديد واستعراض النفوذ، بما يعكس غياب أي ضوابط قانونية أو مؤسسية، مبيناً أن قائد ثاني الدعم السريع تباهى بامتلاكه أوامر قبض جاهزة يمكن تفعيلها في أي وقت، واستخدامها كأداة ضغط.
واقعة تاركو تحت المجهر:
وتُعد قضية مدير شركة تاركو للطيران من أبرز الوقائع التي تناولتها سردية مهند الشيخ، حيث أشار إلى أن عبد الرحيم دقلو لوّح باستخدام سلطته العسكرية للضغط على سعد بابكر، في إطار مساعٍ هدفت وفق الرواية إلى السيطرة على الشركة التي تعد من المؤسسات الوطنية الناجحة، ويرى متابعون أن هذه الواقعة، تمثل نموذجاً لاستغلال النفوذ خارج إطار القانون، خاصة بالنظر إلى الموقع القيادي الذي كان يشغله عبد الرحيم دقلو داخل الميليشيا كواحدة من مؤسسات الدولة الأمنية، وفي ظل صمت أو عجز مؤسسات الدولة عن حماية المستثمرين ورجال الأعمال من تغوّل السلاح، وينوه مراقبون إلى أن ميليشيا الدعم السريع كانت تمتلك عدداً من المؤسسات الاقتصادية خلال تلك الفترة، ويُعتقد أن الاستحواذ على بعضها جرى بوسائل غير شفافة، قائمة على الترهيب والضغط على الطرف الأضعف، في ظل غياب بيئة قانونية تحمي الملكية الخاصة وتضمن المنافسة العادلة.
نمط يتكرر:
ويذهب محللون إلى أن هذه السلوكيات لا يمكن فصلها عن طبيعة الميليشيا نفسها، التي تتهمها تقارير وشهادات متعددة بانتهاج أسلوب يتنافى مع القانون، ويقوم على فرض السيطرة بالقوة، ويشيرون إلى أن النمط ذاته ظهر لاحقاً في المناطق التي دخلتها قوات الدعم السريع، حيث تواترت تقارير عن انتهاكات واسعة بحق المدنيين وممتلكاتهم، في مدن مثل الفاشر وبارا، ثم في مناطق أخرى خضعت لسيطرتها، وعلى رأسها نيالا، ويحلل خبراء أن هذا السلوك ليس طارئاً، بل يعكس عقيدة قوة لا تؤمن بالمؤسسات أو بالقضاء، وإنما تتعامل بمنطق الغلبة، حيث تتحول السلطة العسكرية إلى أداة ابتزاز، وتصبح الأوامر الميدانية بديلاً عن الإجراءات القانونية، ما يهدد أسس الدولة ويقوّض الثقة في الاقتصاد والمجتمع.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ.. تطرح الوقائع التي سردها الإعلامي مهند الشيخ أسئلة جوهرية حول طبيعة السلطة التي مُورست خلال الفترة الانتقالية خارج مؤسسات الدولة، وحول أثر ذلك على مناخ الأعمال والأمن المجتمعي ومسار التحول الديمقراطي في السودان، وبينما تظل هذه الوقائع في إطار رواية إعلامية لم تُفصل فيها الجهات القضائية، يؤكد مراقبون أن مثل هذه الادعاءات، إن صحت، تستدعي تحقيقات مستقلة وجادة، لضمان عدم الإفلات من المساءلة، باعتبار أن بناء دولة مدنية حقيقية يبدأ بإخضاع السلاح للقانون، لا بإخضاع القانون للسلاح.