
شمبات.. حالة وفاء
تأملات
جمال عنقرة
كان العنوان الأول (ليلة وفاء) لكنني وجدت فيه اختزالا مخلا لليلة التي نظمها يوم امس السبت الشمباتة في مصر وفاء وتكريما لابنهم سعد بابكر مدير عام شركة تاركو تقديرا وعرفانا لما قدم لشعبه وبلده ثم أهله في شمبات المرابطين والنازحين، فما كان يوم امس مجرد ليلة، لكنه كان تجسيدا لحالة وفاء الشمباتة المعطونين في بحور الوفاء.
كانت صدفة جميلة بالنسبة لي ولبعض شباب شمبات حين التقينا في كوبانية صديقنا محمد الجيلي سعدابي ملتقي الأحباب في شارع الدقي، ومثلما سعدوا بوجودي لإبلاغي بالدعوة واخطاري ان اخي وصديقي وشيخي كبير الحضراب الشيخ عمر شيخ إدريس حضرة سيكون موجودا. وهم يعلمون عمق علاقتي بشيخ عمر التي تمتد لنحو نصف قرن من الزمان، لم ننقطع فيها عن بعضنا أبدا، سعدت مثلهم وأكثر.
وبذكر شمبات تتداعي عندي ذكريات أماكن وناس واحداث خالدة. شمبات الحضراب، ولمبات سلامة الباشا وشمبات الزراعة والبيطرة، وشمبات دار حفظ القران، شمبات إبراهيم عبد الحفيظ، وعبد العاطي عبد الخير وعبد الرحمن الخضر وفيصل حسن إبراهيم وعبد العظيم ألجاك وكمال عوض وعصام غانم وتماضر الخنساء النور عنقرة، وتماضر قصة لطيفة كانت تدرس في كلية البيطرة وكان اصدقائي في البيطرة والزراعة يسألونها انً كانت شقيقتي، وكنت وقتها ادرس في مصر، فكانت تجيب اول الأمر بعدم معرفة الصلة، ولكن لما كثر عليها السوال صارت تقول لهم (ايوه اخوي) رغم علمها ان والدها مسمي علي الأمير النور عنقرة ولا توجد بينهم صلة، وظل الحال هكذا إلى أن تخرجنا واشتغلت في وزارة الزراعة فتضاعف السوال لها من زملائي الكفراوية الذين اشتغلوا في الوزارة راشد محمد الزبير وأنس الزين وفاطمة دردق وكان لهم الفضل في جمعنا بعد نحو عشر سنوات من اخوة الاسم وشمبات.
ومن عطائم المناسبة ان الاحتفاء بالسيد سعد بابكر، وعظمة سعد عندي من عظمة وفائه لأسرة اخي الحبيب سيد أحمد خليفة له الرحمة والمغفرة، لا سيما ابنه الراحل يوسف سيد أحمد ومن بعده نجله العريس علاء الدين، ومن عظمة سعد انه لم يقطع صلته بيوسف بعد ان انتهت معاركه التي ناصره فيها يوسف ونصره خير نصرة، وتعمقت صلته اكثر باسرة يوسف بعد وفاته، والأسبوع الماضي أوفد مدير تاركو التجاري محمد فؤاد ليحضر من السودان ممثلا له وللشركة مشاركا في رواج علاء الدين يوسف، ولم أر مثل هذا الوفاء إلا عند صديقنا الحبيب اللواء حاتم باشات وكيل المخابرات المصري الأسبق والقنصل المصري الأشهر في السودان، فبعد نحو ربع قرن من مغادرته الخرطوم سافر حاتم الي الخرطوم للمشاركة في فرح نجل صديقه محمد حمزة الكوارتي، ولما اصابت كوارتي كورونا في مصر لازمه حاتم حتي وفاته ونقل جثمانه للخرطوم. ثم حضر حاتم من القاهرة للخرطوم فقط للمشاركة في تأبين الكوارتي، وكان وحده من بين كل الحاضرين التأبين في إستاد الهلال الذي بكي وهو يتحدث عن صديقه الراحل، وبكي بحرقة.
ومن وفاء أهل شمبات انه لم يتخلف احد ليلة امس، حتي اخي وصديقي الحبيب الراحل المقيم الشمباتي الأصيل الدكتور محمد خير الزبير له الرحمة والمغفرة كان حضورا.