
على طاولة السفير عدوي (2-2)
حاجب الدهشة
علم الدين عمر
كنت قد أشرت في المقال السابق لثلاثة ملفات أساسية سيجد السفير عماد الدين عدوي وطاقمه أنها تمثل رأس أولويات عمل السفارة خلال الفترة القادمة وقد تواصل معي عدد كبير من السودانيين بمصر من الذين وجدوا أن التناول قد خاطب همومهم وتحدياتهم الملحة ..فيما يلي الملف الأول وهو ملف التعليم والمدارس السودانية بالقاهرة والجيزة وبجمهورية مصر عموماً فهو ملف بالغ الأهمية والخطورة حيث أستمر نزيف التسرب المدرسي وتداخل الدفعات في تهديد البنية التعليمية في السودان في الحاضر والمستقبل وقد تكاثرت المدارس السودانية في مصر رغم عدم وضوح الرؤية الإدارية لهذا التكاثر حيث أستمرت الأسر كذلك في إلحاق أبنائها بهذه المدارس بغض النظر عن مآلات هذا الإلحاق فقامت المدارس علي إثر ذلك بالتمدد في الأحياء السكنية دون إكتراث لإشتراطات المرافق التعليمية بمصر مما تسبب بإزعاج كبير للسكان الذين قاموا بحملة كبيرة ..ومبررة ضد هذا التمدد مطالبين بإغلاق المدارس وإيقاف فوضي الإحتفالات وطوابير الصباح وقفل الشوارع التي أستمرت حتي بعد نهاية العام الدراسي وبداية العطلة الصيفية التي تعتبر من مقدسات الشارع المصري ومواسمه الخاصة ..وقد رأيت أن الإعتراض الذي تبناه نواب مجلس الشعب يقوم في أساسه علي ثلاثة محاور الأول وجود المدارس داخل الأحياء السكنية وتسببها في فوضي وإزعاج ..الثاني إعتراض البعض علي عدم سيطرة وزارة التعليم المصرية علي إدارة هذه المدارس وبالتالي إعتبارها مؤسسات تهدد الأمن وتخالف قوانين البلد من حيث المبدأ..الثالث وجود ملاحظات من قبل الدولة المضيفة علي بعض مواد المنهج السوداني ( التاريخ والجغرافيا) …وكل هذه إعتراضات منطقية ويمكن التعامل معها بمنطق التكامل والتنسيق بين البلدين عبر السفارة في القاهرة ويمكننا في هذا السياق أن نتقدم بمقترحات محددة تتمثل في إلزام المدارس والمراكز التي تدرس المنهج السوداني بتوفيق أوضاعها عبر توقيع مذكرات تفاهم مع مدارس مصرية قائمة تحت إشراف وزارة التعليم المصرية وإنهاء وجودها في وسط الأحياء والإتفاق علي تقليل مساحات المناشط والإحتفالات وحصرها في أضيق نطاق ممكن حيث تتمتع المدارس المصرية بمواصفات ممتازة من حيث المساحات والمداخل والخصوصية والبعد عن الإزعاج وإرباك حركة السير ..ولتكن هذه الشراكات بأي نظام لحين عودة الأسر إلي السودان ونهاية هذا الوضع..ولا بأس من مراجعة بعض ملاحظات المنهج والإتفاق علي ذلك بشكل ودي وغير معلن ..
أما عن ملف اللاجئين والذين دخلوا لمصر عبر الطريق البري دون تأشيرة فقد حسمت السلطات المصرية والرئيس عبدالفتاح السيسي شخصياً الجدل حوله وقال إن مصر لن تقبل الإساءة للسودانيين وأن الترحيب بهم ومعاملتهم معاملة المواطنين هو واجب الدولة المصرية وقد مضي الشعب المصري في ذلك إلا من بعض الأصوات الشاذة التي لا حكم بها ..فالواجب أن تسعي السفارة لرد هذه التحية ببرامج التوعية السلوكية وقيادة حملة توفيق الأوضاع بما هو متاح من إجراءات بالتنسيق مع السلطات المصرية ومفوضية شئون اللاجئين وغيرها من المنظمات لحين ميسرة ..
وقد تطرقنا لملف تهيئة الشركات ورؤوس الأموال المصرية لبرنامج إعادة الإعمار والإستثمار في السودان عقب نهاية الحرب وهو البرنامج الذي بدأت تشرئب له أعناق كل الدول ومصر أولي من غيرها بذلك وهو عمل يتطلب بعض الجدية وكثير من التخصصية عبر واجهات الدولة الرسمية وغير الرسمية فقد حان الوقت المناسب لتوقيع العقود بين الشركات ومؤسسات الدولة في مجالات البني التحتية من طرق ومطارات وموانئ برية ونهرية وبحرية والمصانع والمسالخ والمرافق الخدمية ومذكرات التبادل السلعي والتجاري والصناعات التحويلية وتعزيز فرص الميزات التفضيلية التكاملية بين البلدين الذين عليهما إستغلال هذه الفرصة في إمضاء برنامج الوحدة الإقتصادية والمجتمعية لتستعد الدنيا لإستقبال المارد القادم من عمق التاريخ .