
ليس دفاعا عن السفير نور الدين ساتي
تأملات
جمال عنقرة
قناعتي كانت، وقبل اندلاع الحرب الملعونة، وتحديدا بعد قرارات الرئيس البرهان التصحيحية، كانت قناعتي أن السفير الدكتور علي يوسف الشريف هو أفضل خيار لقيادة وزارة الخارجية في هذه المرحلة، فهو فضلا عن خبراته المتراكمة، وعلاقاته الواسعة، فهو وطني من الدرجة الأولى، لا تشوبه شوائب حربية ولا جهوية ولا عنصرية، ثم انً مواقفه واضحة وجلية، وهو ثابت لا يتزحزح، ولما تم تعيينه وزيراً للخارجيّة استبشر الجميع خيرا بذلك، واستطاع في زمن وجيز لا أظن انه قد بلغ الخمسة شهور، استطاع أن يضع بصمات واضحة تظل خالدة في سجل الإنجازات العظام في وزارة الخارجية السودانية.
ولما لم يتحقق الانسجام المطلوب بين الوزير وبين بعض قادة الدولة، وغادر الشريف موقعه، شعرت بذات الإحساس الذي انتابني يوم وفاة سفير السودان في مصر، السفير الأسطورة احمد عبد الحليم، فشعرت انه لن يأتي من يمكن ان يملأ مكان عم أحمد، وكان الرئيس المصري الراحل حسني مبارك يناديه (عم أحمد) وكذا كان يقول الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير، واذكر انه كان قد رشح ان السيد مهدي مصطفي الهادي سوف يرشح سفيرا في مصر بديلا للسفير الراحل احمد عبد الحليم، فلما سالت مهدي عن صحة ذلك، قال لي (أنا مجنون اشتغل في محل كان شغال فيه احمد عبد الحليم واضع نفسي في مقارنات خاسرة)
فما كان في ذهني اسم يمكن ان يملّا مكان السفير علي يوسف في وزارة الخارجية الي ان ظهر اسم السفير الدكتور نور الدين ساتي مرشحا لوزارة الخارجية، فهو الاسم الوحيد – في ظني – الذي يمكن ان يكون في قامة السفير علي يوسف، ولو أن الشريف تميز بفضل الرباط فان ساتي له فضل المواكبة والحضور الذي لم ينقطع.
ولست في مقام الدفاع عن السفير نور الدين ساتي في مواجهة الحملة التي اشتعلت ضده، وأكثر ما قيل قدحا له يمكن ان يصير مدحا لو أنا نظرنا اليه بمنظار العدل والإنصاف، وبين يدي موقف واحد كنت اتمني ان يشهد عليه العدول، الذين كانوا شهودا له، وليس اصحاب العيون التي تري الشوك في الورد وتعمي ان تري فوقه الندي إكليلا.
والموقف الذي اعني هو اللقاء التشاوري الذي دعا له الاتحاد الأفريقي في مقره في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا للتفاكر حول الحوار السوداني، ودعا الاتحاد لهذا اللقاء عدد من القوي السياسية، بعضها منسوب للمعارضة، وبعضها محسوب علي الحكومة، وفي اللحظات الأخيرة انسحبت تقدم احتجاجاً علي مشاركة بعض القوي السياسية، وعلي الرغم من انً السفير نور الدين ساتي كان من المؤسسين لتقدم، لكنه لم يقبل هذا المنهج الإقصائي، وقال ان السودان وطن للجميع، وان جميع السودانيين يجب أن يشاركوا في الحوار بلا عزل ولا إقصاء، وكان هذا الموقف هو مفتاح نجاح اللقاء التشاوري، ولذلك رشحناه بالإجماع رئيسا للجنة التي قادت الحوار، ووصلت بذاك اللقاء الي مراس بعيدة، ولولا تآمر بعض قصيري النظر، مع بعض الذين لا ينظرون الي ابعد من تحت اقدامهم لكنا قد وصلنا الي غير نحن فيه الان، والحمد لله ان الدكتور كامل ادريس أعاد الفرصة مرة اخري بتقديمه السفير نور الدين ساتي مرشحا لوزارة الخارجية.