
لينا هاشم تكتب :الفاشر ..حرب الجوع
أمس الثلاثاء أعلنت تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر أن المدينة تعيش أوضاعاً إنسانية بالغة القسوة بعد نفاد كل المواد الغذائية ، وأن المدينة باتت محاصرة من جميع الاتجاهات، ما جعل مئات الآلاف من السكان في مواجهة خطر المجاعة ، حيث تشير التقارير الميدانية إلى أن الأسواق خلت تماماً من السلع الأساسية، فيما توقفت المطابخ الخيرية التي كانت تقدم وجبات محدودة للنازحين والسكان، بسبب انعدام الإمدادات ومع استمرار القصف المدفعي وهجمات الطائرات المسيّرة على أحياء المدينة ، يزداد الوضع سوءاً ، وسط تحذيرات منظمات إنسانية من أن الفاشر قد تدخل مرحلة مجاعة شاملة إذا لم يُسمح بدخول المساعدات بشكل عاجل
ما يجري بالفاشر يتجاوز حدود العقل والخيال ، مجازر دموية ، قتل للنساء والأطفال ، انعدام للغذاء ، دمار شامل لكل ما هو حي ، وسط صمت دولي مخز وعجز عن التصدي للمليشيا التي تمارس أبشع أنواع الإبادة الجماعية ، المجاعة بالفاشر ليست عرضا جانبيا للحرب بل نتيجة مباشرة لسياسة الحصار التي تنتهجها المليشيا بقصد ، والإغلاق للمدينة ومنع دخول المساعدات الغذائية ، ما يحدث بالفاشر ليس جوعا ناتجا عن فقر بل ناتجا عن حصار طويل وضربات متواصلة وإغلاق كامل لكل شرايين الحياة ، منذ اشهر لم تدخل كميات كافية من الغذاء للمدينة والنتيجة مشهد انساني كارثي ومع ذلك يستمر العالم في التعبير عن القلق والدعوات لوقف التصعيد دون أي خطوات عملية لوقف الكارثة
في الفاشر تصرخ المعدة ، ولا يقاس الجوع بانعدام الغذاء بل بالبكاء الصامت والأواني الفارغة ، والرضع الذين ينامون علي بطون خاوية ، سياسة التجويع المنهجي التي باتت تستخدمها المليشيا بالفاشر كسلاح للحرب تدخل مرحلة كارثية ، فحين يستقر الجوع في الجسد كما تستقر القذيفة في الأرض فنحن لا نرصد ازمة بل نحصي ضحايا في حرب الجوع ، عندما تصل الكارثة الي ان يصبح الخبز امنية ، وجرعة الماء مخاطرة ، وتختزل الحياة في محاولات بائسة للنجاة من الجوع فهنا لا نتحدث عن أزمة إنسانية عابرة بل عن جريمة مكتملة الأركان ترتكب امام أعين العالم ووسط هذا كله فنحن علي ثقة مطلقة بأن الله سينزل عليهم نصرا يكون بلسما لقلوب اهلنا بالفاشر ويخزي الوجوه الشامتة علي آلامهم واوجاعهم
نساء الفاشر لا يطلبون الشفقة بل الكرامة ، اطفال الفاشر لا ينتظرون تبرعات بل حقهم في الحياة ، مواطني الفاشر لا زالوا يتمسكون بالصمود والثبات ويرون في بقائهم بالمدينة موقفا من المقاومة حتي لو كلفهم ذلك مواجهة الجوع والمرض والموت في مشهد يجسد الصمود والثبات وهذا ليس غريبا عليهم ولا حالة حديثة احلت بهم ، استمرار هذا الجوع هو عار علي الإنسانية وان لم يتحرك العالم اليوم فسيسجل التاريخ أن مجاعة قضت علي المواطنين الضعفاء أمام مرأي من الجميع وأن الإنسانية بكل قوتها فشلت في إنقاذ ام ترضع طفلها ماءا ، وطفل يتوسد كيس دقيق فارغا
الي كل احرار العالم ، الي كل من في قلبه زرة من الإنسانية ، ألا ترون قتلة النساء والأطفال بالفاشر ، ألا ترون الدماء النازفة والأشلاء المتطايرة بلا رحمة ، الصمت لم يعد خيارا والتواطيء لم يعد خفيا ، ارفعوا أصواتكم أغيثوا مواطني الفاشر بكل الطرق المتاحة فكل صوت وكل فعل مهما كان بسيطا فهو خطوة نحو كسر الحصار وانهاء المجازر ، لا نطلب من العالم أن يتعاطف معهم بل يتذكر مسؤوليته ، فنحن أمام لحظة مفصلية تقاس فيها جدية العالم لا بتصريحاته بل بمواقفه
الفاشر قلعة الصمود التي تجسدت فيها معاني الصبر والإيمان، تكتب فصول الصبر والشجاعة بدماء أبنائها وتوكلها على الله ، وشعبها الذي لا يعرف الهزيمة، فهو يصبر ويجابه الظلم بثبات، ومؤمنا بوعد الله وما النصر إلا من عند الله ، اللهم كن لأهل الفاشر عونا ونصيرا، وثبت أقدامهم، وارفع عنهم البلاء، وأبدل خوفهم أمنا ونصرا قريبا يا رب العالمين.
*📰#صحيفة_الكرامة*