
ما بين الصداقة الصينية والغطرسة الأمريكية
موقف
د.حسن محمد صالح
الحفاوة والاستقبال الذي وجده السيد رئيس المجلس السيادي القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان وهو يزور العاصمة الصينية بكين للمشاركة في منتدي التعاون الافريقي الصيني لعام ٢٠٢٤م (( فوكاك )) يؤكد عمق الروابط بين الشعبين الصيني والسوداني حيث كان الرئيس الصيني شى جين بينغ في استقبال البرهان مع استقبال شعبي صيني وعرض عسكري رائع لدي نزول البرهان من الطائرة .
الشعب الصيني يعتقد أن للسودانيين الذين قتلوا الجنرال الانجليزي غردون باشا في يناير من العام ١٨٨٦م دين عليه لكون غردون أذل الشعب الصيني أثناء خدمته للإمبراطورية البريطانية في مستعمرتها (( الصين)) ووصل ب بغردون الحال أن يركب علي ظهور الصينيين الأمر الذي تعذر عليه عندما جاء للسودان وفشلت محاولات بعض القادة الإنجليز الكبار من شاكلة كتشنر باشا ومفتش كتم مور في استحمار السودانيين و اضطرت بريطانيا لوضع وثيقة سميت بوثيقة إعادة فتح السودان تضمنت شكل الحكم الثنائي وعدم التعرض لعقائد الناس حتي لا يخرج عليهم مهدي جديد في السودان وظلوا علي ذلك حتي خروجهم من السودان في دولة ١٩٥٦م المفتري عليها من الجنجويد الان .
٢-
شيدت الصين قاعة الصداقة بالخرطوم في عهد الرئيس جعفر نميري ١٩٦٩ – ١٩٨٥م ولكن تبقي سنوات الإنقاذ ١٩٨٩ – ١٩١٩م هي عهد ازدهار العلاقات السودانية الصينية ولجات الإنقاذ الي الصين وماليزيا واندونيسيا وإيران وروسيا فيما عرف بالاتجاه شرقا بسبب العداء السافر للسودان من المعسكر الغربي وعلي رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكانت سياسة هذا المعسكر متماهية مع السياسة الاسرائلية الداعمة للتمرد في جنوب السودان و الساعية سعيا حثيثا لتمزيق السودان وتقسيمه الي عدة دول . ولولا الصين فإن المخطط الغربي في السودان سابق للعراق وسوريا وليبيا وذلك لضعف السودان وسهولة التحكم فيه خلال فترة ما يعرف بالديمقراطية الثالثة أو العهد الحزبي .
٣-
كان استخراج بترول السودان علي يد الشركات الصينية العملاقة Cnbc و Nbco بناءا علي شراكة اقتصادية واضحة بين البلدين تتمثل في قسمة النفط وتتطوير حقول البترول
الذي انتظر الشعب السوداني طويلا لكي يتم استخراجه بواسطة شركة شيفرون الأمريكية التي أعطت الرئيس نميري رحمه الله زجاجة مليئة بخام البترول لكي يلوح بها لجماهير الشعب السوداني ((المتعطشة ))للمال والرفاهية التي حققها البترول للدول من حولنا وخاصة دول الخليج العربي والعراق وليبيا . بعد مؤامرة شيفرون دخلت الصين في معترك السودان المعقد ومدت خط تصدير النفط من جنوب السودان حتي البحر الاحمر وحققت الاكتفاء الذاتي من مشتقات البترول وعلي رأسها البنزين وغاز الطبخ وظلت علي التزاماتها مع الخرطوم الي ما بعد انفصال جنوب السودان في العام ٢٠١١م وحتي سقوط حكومة الرئيس البشير .
٣-
بعد ثورة ديسمبر – ابريل ٢٠١٩م وهي ثورة مصنوعة ابتعد المجلس العسكري الانتقالي وحكومة حمدوك الفاشلة عن الصين ورأينا العجب العجاب وحالة من الصبيانية والمراهقة السياسية في السياسة الخارجية للسودان وكانت سياسة الزغاريد وشراء رئيس الوزراء حمدوك للدولار من السوق السوداء لتعويض أسر ضحايا الهجوم علي البارجة الأمريكية و علي سفارتي امريكا في نايروبي ودار السلام . علي الرغم من إن القضاء القضاء الأمريكي اثبت ان السودان ليس له علاقة بالهجوم الإرهابي الذي تم ضد الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت . ومن غرائب الثورة وعجائب من يسمون أنفسهم بالثوار ممثلين في قحت – تقدم حاليا تم تصنيف الصين
بانها دولة ،((فلول)) تتبع لنظام الإنقاذ كما تم تصنيف قطر وإعاد الهالك حميدتي الوفد القطري برئاسة وزير الخارجية القطري بعد دخوله الأجواء السودانية في حادثة تعد من البدع في السياسة الخارجية واضرت بالسودان ومصالح السودان كثيرا .
٤-
الحرب الحالية المفروضة جعلت الشعب السوداني يطالب حكومته بالاتجاه الي المعسكر الشرقي الذي يضم روسيا والصين وإيران ودول اخري مثل تركيا وقطر وماليزيا بدلا عن الارتماء في احضان المعسكر المعادي للشعب
السودانيي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الافريقي والايقاد وهي ذات الدول التي ساهمت في إشعال الحرب عبر الاتفاق الإطاري وقامت بدعم المليشيا المتمردة بالسلاح لهزيمة الجيش السوداني .
٥-
منتدي التعاون الافريقي الصيني الذي يشارك فيه السودان بوفد برئاسة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي ووزير الخارجية ووزير المالية ووكيل وزارة المالية ووزير التعاون الدولي يعتبر تجمع افريقي صيني – اقتصادي ولكن السودان حقق من خلال هذه الزيارة للصين مكاسب سياسية بالغة الأهمية الي جانب المكاسب الاقتصادية وعلي رأسها اعتراف الصين وهي دولة من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالشرعية السودانية برئاسة البرهان و بالمجلس السيادي والحكومة القائمة في السودان ممثلا للسودان وهو اعتراف ضمني لا يحتاج الي اعلان من قبل الصين . ومن المكاسب السياسية اللقاءات التي جمعت البرهان برئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد و لقاء وزير الخارجية بوزير خارجية ليبيا ولقاءات وزير المالية دكتور جبريل بالعديد من وزراء المالية والشركات في بكين وغير ذلك من اللقاءات والاجتماعات مع رؤساء الدول والحكومات وقادة المنظمات الدولية والامين العام للامم المتحدة .
واكبر المكاسب التي حققتها زيارة البرهان للصين هي الاتفاقات مع الشركات الصينية في مجال الزراعة والطاقة الشمسية وهذه الأخيرة السودان في أمس الحاجة إليها وهي طاقة متوفرة في السودان بلاد الشمس المشرقة والحراقة كما يقولون ومن خلال الطاقة الشمسية يتحقق الإنتاج الزراعي وهو الجانب الذي خبرته الشركات الصينية جيدا وخاصة الحبوب الزيتية والصين تتعامل في مجال الاعشاب ونبات السنمكة وهذا حافز كبير للمزارع السوداني وللشراكة بين المزارعين في كلا البلدين . والمكاسب التي يمكن ان تتحقق للسودان من وراء هذا المحفل هي حوكمة الدولة والتصنيع والتحديث الزراعي والسلام والامن الذي يحتاج الي جهود محلية ودولية وعالمية بعد انتصار القوات المسلحة علي التمرد .
٦-
ما يعبر عن الغطرسة الأمريكية تعليق المبعوث الأمريكي للسودان توماس بيريللو علي زيارة البرهان للصين بأن هناك جهات خارجية تصب الزيت علي النار في السودان .وسبق للمبعوث الأمريكي أن صرح ذات التصريح حول التقارب السوداني الإيراني ونسي هذا المبعوث الأمريكي حليفته دولة الإمارات العربية المتحدة التي أشعلت النار في السودان بدعمها لمليشيا الدعم السريع ولا زالت تصب الزيت علي النار بدعمها للمليشيا بالسلاح والمال والإعلام المصنوع في غرف الإمارات والقنوات الفضائية الداعمة لمليشيا الدعم السريع .
ونختم بان السودان دولة حرة مستقله ذات سيادة ومن حق السودان إقامة علاقات مع أي من الدول لرعاية مصالحه وقد توقف البرهان في قطر ويمكن أن يتوقف في الدوحة للمرة الثانية في طريق العودة وله أن يزور موسكو أو أن يكتفي بالزيارة الناجحة لوزير الدفاع الي روسيا والذي اطلعني مشكورا علي نتائجها المبهرة وهي ليست للنشر .والبرهان يحفر بالابرة تجويدا للصنعة والروس قاموا بالواجب وزيادة . اما إيران التي زارها وزير الخارجية مشاركا في تنصيب الرئيس الإيراني الجديد فقد قطعت العلاقات معها شوطا بعيدا وهي دولة داعمة للشرعية في السودان ويمكن للرئيس البرهان زيارة طهران تأكيدا لهذه العلاقة المتجددة مع بلاد الثورة الإسلامية .وكذا الحال بالنسبة لدول شرق آسيا بعد أن زار رئيس المجلس السيادي عدد من الدول الأفريقية مؤخرا وخاصة رواندا .
وبعد الانتصار العسكري وهزيمة مليشيا ال دقلو في الميدان سوف تتحول امريكا من الغطرسة والتعالي الي دولة تبحث عن مصالحها شانها شان الآخرين وليس للسودان مانع من التعاون مع الولايات المتحدة الامريكية وهي دولة عظمي وتمتلك التكنولوجيا ولكن من غير غطرسة اوامر ونوايا استعمارية .