
*بسم الله به نبتديء وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم نقتدي.*
كثير من أهل السودان غير مستوعبين أن بعد هذه الحرب لابد أن يولد سودان جديد بمفاهيم واستراتيجيات تختلف تماما عن السودان ما قبل الحرب.
ومن ضمن استراتيجيات السودان الجديد يجب إعادة التخطيط العمراني لكثير من المدن والقرى التي نشأت عشوائيا على ضفاف النيل الأزرق. ومن مفاهيم السودان الجديد أن تكون هنالك رؤية واضحة، واستراتيجية تأمينية محكمة لسلامة المنشآت والمدن والقرى والبنية التحتية للدولة السودانية الجديدة، وخاصة التي تقع على ضفاف النيل الأزرق بعد قيام سد النهضة الذي أصبح مهددا أمنيا للأمن السوداني.
أرى أن زمن قيام القرى والمدن حول ضفاف النيل قد انتهى. وعلى الدولة السودانية الرائدة أن تضع من ضمن استراتيجيتها العسكرية والدفاعية إعادة التخطيط العمراني للسودان وخاصة العاصمة الخرطوم والمدن الكبيرة.
وعلى السودان الجديد أن يستفيد من الخبرات المصرية في إعادة إعمار السودان ونقل التجربة المصرية في النهضة العمرانية والبنية التحتية. فالواقع ينذر بالخطر إذا لم تقم الدولة السودانية بواجبها الوطني في إعادة الإعمار والتخطيط، وأن تمتلك الدولة آليات التنفيذ القوية والإرادة الوطنية، وعلى المواطن أن يستجيب ويتفاعل مع الدولة في تنفيذ الخطط والمشروعات التي تحفظ أمنه وسلامته واستقراره.
ومن المتعارف عليه أن كثيرًا من الدول التي تقع في خط الزلازل في العالم مثل اليابان وغيره على سبيل المثال لا الحصر وضعت لها خطط واستراتيجيات تحميها وتجنبها مخاطر الزلازل
ومن ضمن الخطط والاستراتيجيات الزكية والمهمة للغاية أن تستغني الدولة السودانية عن الاعتماد على مجرى النيل الأزرق الرئيسي، ثم تشق منه عددًا من الأنهار الصناعية والخزانات تحوطًا لكل طارئ أو خطورة يمكن أن يسببها سد النهضة. وأرى أن يتم ذلك عبر تكامل اقتصادي وتنسيق مباشر بين وزارتي الزراعة والري السودانية والمصرية في إطار نهضة اقتصادية شاملة بين البلدين، لتحويل مخاطر ونقمة سد النهضة إلى نعمة ونهضة لدولتي المصب.
*البعد البيئي*
إن أي تخطيط عمراني جديد لا بد أن يضع في اعتباره حماية الأراضي الزراعية من الجفاف والتصحر، وتأمين مصادر مياه الري البديلة. كما يجب إعداد خطط لإدارة الموارد المائية بطريقة علمية تضمن استدامة النيل الأزرق وروافده، مع إنشاء شبكات صرف حديثة تقلل من المخاطر البيئية التي قد يسببها أي خلل في السد.
*البعد الاقتصادي*
سد النهضة رغم مخاطره يمكن أن يكون فرصة اقتصادية إذا أحسن السودان التعامل معه، عبر:
الاستثمار في الطاقة الكهرومائية المشتركة مع مصر.
زيادة الرقعة الزراعية باستخدام الأنهار الصناعية والخزانات المقترحة.
فتح مجالات للصناعات التحويلية المرتبطة بالزراعة والغذاء.
بهذا يتحول التهديد إلى قاطرة تنمية ترفع مستوى معيشة المواطن السوداني والمصري على حد سواء.
*البعد الاجتماعي*
إعادة التخطيط العمراني تعني أيضًا إعادة توطين القرى العشوائية بشكل حضاري يحفظ كرامة الإنسان وحقوقه. فلا يجوز أن تبقى قرى بأكملها معرضة للغرق أو الانهيار في أي لحظة. وعلى الدولة أن توفر مساكن بديلة مخططة، بخدمات أساسية (مياه – كهرباء – صحة – تعليم) تليق بمواطن السودان الجديد.
*الخاتمة*
على الدولة السودانية الرائدة أن تستفيد من الخبرات المصرية في إنشاء الخزانات وإدارة السدود، ثم وضع التحوطات اللازمة التي أصبحت أمرًا حتميًا لبقاء الدولة السودانية. وعلينا نقل النهضة العمرانية والبنية التحتية المصرية والاستعانة بالخبرات المصرية، وبناء تكامل اقتصادي بين الدولتين الشقيقتين الجارتين مصر والسودان وهما دولتا حوض النيل العظيم.
*الله المستعان، والسلام على من اتبع الهدى.*