مقالات

أحزاب سياسية وإدارات أهلية ( سادت ثم بادت)

وقل اعملوا
د/عبدالله جماع

حدثني ذات مرة السياسي الضليع والانصاري المبجل العظيم و المؤرخ الموسوعة ، وجاري العزيز المغفوره له بأذنه تعالي( عبدالرسول النور). بانه في احدي اجتماعات حزب الامة، برئاسة المغدور به الشهيد (الصادق المهدي) اذ احتد بينهما النقاش وضاق السيد الصادق المهدي زرعا بموقف الحضور المخالف له ، فلم يجد بُدا سوي تهديدهم قائلا لهم: بأن حزب الامة (مِلكا له ولاَل المهدي فمن لم يعجبه ذلك فالباب مفتوحا). فتصدي له المرحوم عبدالرسول النور بالرد الشافي والكافي. فكانت تلك هي اللبِنة الاولي له في بعده ثم تباعده لاحقا عن الحزب وعن رئيسه السيد الصادق المهدي حتي توفاهما الله جميعا. فكما هو معلوم بالضرورة أي حزب سياسي يقوم علي منهجية واضحة ومنطلقات فكرية يظل منافحا عنها ومكافحا لاجلها ومبشرا بها بدون ادني مساومة او غموض. فبتلك المبادئ الحزبية الموسومة تُعرف الاحزاب وتُصنف يمينيا او يساريا. وعليه سعي حزب الامة عبر تاريخه السياسي المجيد والطويل في ترسيخ مبادئه الاسلامية تحت شعار ( الصحوة الاسلامية) التي صُنف علي ضوئها بانه من احزاب اليمين ذات التوجهات الاسلامية. وان اختلف احيانا مع احزاب اليمين الاخري في الفروع او الوسائل التي تقربه الي احزاب اليسار بدرجة ما، الا ان قاعدته الجماهيرية ظلت علي الدوام لدي قناعاتها ومبادئها الاسلامية الراسخة منذ عهد الامام عبدالرحمن المهدي وحتي موعد السقوط قبيل الانضمام لميثاق نيروبي العلماني الفاسد. فما تراجعت عنها او تنازلت منها قيد اُنملة. وهو الموقف الذي ذكر به عبدالرسول النور الصادق المهدي في ذلك الاجتماع الشهير (و المفصلي الذي اتخذ فيه الصادق المهدي اسلوب التهديد والوعيد بدلا عن الحوار) بان شهداء حزب الامة الذين قدموا ارواحهم عبر التاريخ ، لم يكن لاجل شخوص او بيوتات وانما لنصرة دين الله وعزته. وسيظل الجميع متمسكين بتلك المبادئ و لن يبدلونها او يتخلوا عنها. ولو تساقط عنها اثناء المسير بعض القيادات. فاذن نال حزب الامة مكانته وريادته بين سائر الاحزاب السودانية بتلك المنطلقات الاسلاميه وتشاطره في ذلك جماهيره وقاعدته العريضة. فأعتبر بانه حزب الاغلبية الانتخابية. وان اعتري هذه المكانة وهذا اللقب، كثير من التغيرات بسبب انتشار التعليم وخاصة الاماكن التي تعتبر حكرا لحزب الامة وتغيرات جوهرية كبيرة علي حساب حزب الامة . ولمَا كان العمل السياسي والحزبي لايقبل الجمود او التصلب حتي يتماشي مع معطيات الواقع ومقتضيات العصر، بمعني اخر عليه بتجديد نفسه بنفسه لضمان سيادته وريادته المكتسبة عبر التاريخ والمحافظة عليها. الا ان الواقع اثبت ان حزب الامة اصبح من الاحزاب التي اصيبت بداء التشرزم والتفتت. وحتي تحطيم صميم المرتكزات الجوهرية ذات المرجعية الاسلامية والابتعاد عنها دون وجل او مخافة من الله. وبما ان امر حزب الامة يهمنا دون غيره من سائر الاحزاب الاخري لذا اي تعثر في مسيرته او تراجعا عن مرجعيته الاسلامية والانشغال بغيرها من توافه الامور يعتبر نقصان وهزيمة للتجربة السياسية عموما ويعتبر مسخا وتشويها لحزب يعتبر من احزاب الاكثرية الجماهيرية. ولكن تعتبر هذه احد افرازات حرب الكرامة التي كشفت كثيرا من الاقنعة المزيفة والمواقف الرمادية و التي ظلت تتدثر بها الاحزاب السياسية والتجمعات المهنية ردحا من الزمن. ولكن حينما حصحص الحق اذ ذهب الزبد جفاءً واما ماينفع الناس فقد مكنه الله في الارض. فذهبت ريح حزب الامة وتفرقت محتوياته ومكنوناته وحتي ثوابته قد انهارت ناهيك عن قياداته التي اضحت عدة رؤوس كل رأس يعزل الاخر ويدعي امتثاله هو فقط لقوانين ولوائح الحزب. ولكن اسوأها واقذرها موقفا هو التوقيع علي ميثاق نيروبي بواسطة رئيسه برمة ناصر و الذي يدعو ذلك الميثاق صراحة ويقر بالعلمانية منهجا للحياة. وقد تناولنا بشئ من الدهشة والاستغراب في مقال سابق لنا عن ماهية هذا الانحراف الجذري في منهج حزب الامة الاسلامي والانتقال به الي نقيضه في اقصي اليسار العلماني تاركا من ورائه كافة اعضاء قاعدته الاسلامية الانصارية وهو لايبالي، وضاربا بعرض الحائط ارث وتاريخ الحزب السياسي.. ولكن مهما تفطرت اكبادنا و اتهرت امعاءنا في ظل هذا التدهور المخزي لحزب منهجه اسلامي الي علماني. لاتفيدنا تلك الحسرات ولا يشفع لنا استدعاء التاريخ ولا حتي الامنيات والاشواق. بوجود المرحوم عبدالرسول النور حيا بيننا ليري ماذا فعلت( البرمة) بحزب الامة. ولم يجد المرء سوي لوحة معلقة علي مقر حزب الامة كتب عليها( احزاب سادت ثم بادت) وعندها سيموت الجميع حسرة وندما علي من بدلوا دينهم بدريهمات معدودات واستبدولوا الذي هو خيرا بالذي هو ادني والسؤال لم كل ذلكّ؟ الاجابة لدي( البرمة) الا ان المؤكد انها هي من كرامات حرب( الكرامة) ومن لعنات( ميثاق نيروبي العلماني) ذاتها تلك هي اللعنات التي اصابت زعامات الادارة الاهلية امثال ناظر الرزيقات والهبانية والتعايشة والفلاتة والبني هلبة والترجم والمسيرية وزعامات اهلية واعيان وعمد كثر… فهؤلاء جميعهم كانوا مقدسين وانصاف الهة لدي اهليهم مع العلم بانهم جميعا عبارة عن صناعة استعمارية خالصة و قد تجاوزهم الواقع وعفا عنهم الزمن .وخيرا فعل والي غرب كردفان مؤخرا بكنسهم جميعا من لدن مختار بابو نمر والي ادني عميل منهم تطارهم لعنات نيروبي. فأما كرامات حرب الكرامة فلا تحصي وكذلك( لعنات) ميثاق نيروبي. والجميع من احزاب سياسية وقيادات ادارة اهلية قد تبعتهم لعنات نيروبي و قد صاروا جميعا اثرا بعد عين وكلهم قد حملوا مسمي واحدا الا وهو( احزاب سياسية وقيادات ادارة اهلية سادت ثم بادت)..
@بعد الطبع…نحي الشعب السوداني والقوات المسلحة بعودة رمز السيادة الي حضن الوطن… الله اكبر..الله اكبر…الله اكبر…
01125315079
Jamma1900@hotmai.com

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى