مقالات

السودان في مرآة العقل قراءة تحليلية في أطروحة البروفيسور كامل إدريس

#صالون الريس

د/ أشرف الريس

أعزائي القراء الكرام تحيةً واحترام ،وبسم الله نبدأ الكلام…. في أزمنة الفوضى الفكرية والتيه الوطني، تبرز بعض الكتب لا كمجرد مؤلفاتٍ تُقرأ، بل كمشاعل فكرية تُضيء الطريق أمام أمةٍ تبحث عن خلاصها. هكذا يبدو كتاب البروفيسور كامل إدريس:
“السودان: تقويم المسار وحُلم المستقبل – 2025”.
عملٌ فكريٌ واستراتيجيٌ فريد، لا يكتفي بتوصيف الأزمة، بل يُعيد رسم مشروع الدولة من الجذور، كأننا أمام وثيقة وطنية لا تقل في أهميتها عن إعلان الاستقلال ذاته.

هذا الكتاب ليس مجرد سرد سياسي أو اجترار تاريخي، بل تجربة فكرية تتغلغل في وجدان القارئ، تُجبرك على إعادة التفكير في كل المسلمات، وتضعك أمام السؤال الكبير:
هل نريد سودانًا حديثًا فعلًا، أم تعوّدنا على العيش في الرماد؟

ما وراء الكلمات: البنية الفكرية للكتاب؟

ينطلق البروف إدريس من أرضية علمية صلبة، تمزج التاريخ بالتحليل السياسي، والفقه الدستوري بالرؤية الإصلاحية. لكنه لا يقع في فخ الأكاديمية الجافة، بل يُطوّع معرفته العميقة ليُحاكم تجربة الدولة السودانية عقلانيًا، ويشخّص أمراضها من دون تجميل ولا مواربة.
تسلّط الأجهزة الأمنية،
شلل القيادة وتآكل الشرعية،
انهيار القضاء والخدمة المدنية،
تهميش الشباب والمرأة، واحتقار الكفاءات.

كلها لا تُذكر عنده كقائمة اتهام، بل كمدخلٍ لورشة إصلاح جادة وشاملة. البروف إدريس لا يبكي على الأطلال، بل يحمل المعول ليهدم الفاسد ويبني على أنقاضه وطنًا جديدًا.

قوة الكتاب لا تكمن فقط في عمق التحليل، بل في قدرته على ترجمة ذلك إلى رؤية تطبيقية. فالبروف إدريس يُقدّم حزمة حلول محكمة، تقوم على “المنهج الإصلاحي الهادئ” الذي يُراعي التدرج والشمول والعدالة، دون أن يُفرّط في الحسم والانضباط.

يرى أن إعادة بناء الدولة تبدأ بإعادة تعريف دورها: من دولة الجباية والتسلّط، إلى دولة الخدمة والرعاية. وينطلق من التعليم كمرتكز، ومن العدالة كميزان، ومن السلام الاجتماعي كشرطٍ للاستقرار الحقيقي لا الزائف.

ما يدعو للاعجاب! رئيس وزراء يحمل رؤيته في يده فالبروفيسور كامل إدريس لا يطرح أفكارًا في الهواء، بل يحمل مشروعًا متكاملًا كُتب بعقله، ووقّعه بقلبه. رؤيته ليست بيانًا سياسياً، بل خارطة طريق قابلة للتنفيذ. ولأول مرة في تاريخ السودان، نقف أمام رجل دولة لا ينتظر أن يُكتب له برنامج الحكم، بل يأتي وهو يُمسك بالرؤية في يده، وكأنه يقول:
“أنا لا أبحث عن سلطة، بل عن فرصة لإنقاذ وطن.”

يريد أن يُدير الدولة كما تُدار مؤسسة ناجحة:
بكفاءة، وشفافية، ومحاسبة، وقياس للأداء، لا بالترضيات والمحاصصات.
إنه رئيس وزراء يُفكّر بمنطق البناء، لا بمنطق الردود العاجلة والمساومات القصيرة النفس.

كيف ينفذ البروف كامل إدريس رؤيته؟ وما دورنا نحن؟

يعتمد إدريس في تنفيذ رؤيته على ثلاثية نادرة:
المعرفة، والإرادة، والنهج المؤسسي.
فهو لا يؤمن بالتغيير العاطفي أو الموسمي، بل ببناء مؤسسات قوية وفعّالة تُدير التغيير، لا تُجمّله.
يضع أُطرًا واضحة لإعادة هيكلة الدولة، بدءًا من إصلاح التعليم، مرورًا بتحقيق العدالة الاجتماعية، وانتهاءً بتوزيع الثروة والسلطة بعدالة بين كل جهات السودان.

لكن البروف إدريس لا يُمكنه تنفيذ هذه الرؤية وحده.
نحن، الشعب، الطرف الأهم في هذه المعادلة.
دورنا لا يجب أن يقتصر على التصفيق، بل أن نُشكّل “جبهة السند الشعبي” لهذا المشروع الوطني الكبير.
أن نكون الحاضنة الاجتماعية للإصلاح، وأن نُمارس دورنا كمواطنين لا كمستهلكين.
أن نحرس الحُلم من التشويه، وأن نكون عونًا للقيادة لا عبئًا عليها.

وأقول ختاماً حين يُصبح الحُلم قابلًا للتنفيذ
“السودان: تقويم المسار وحُلم المستقبل” ليس مجرد كتاب، بل دعوة مفتوحة لكل السودانيين أن يُعيدوا اكتشاف ذاتهم، ويُفكّروا بوطنهم بطريقة مختلفة.
البروفيسور كامل إدريس لم يكتب هذه الصفحات ليُقال عنه إنه مفكر، بل كتبها لأنه يرى أن الوقت قد حان ليقود المفكرون الوطن، بعدما أثبت الساسة التقليديون فشلهم الذريع.

وهنا نحن أمام فرصة حقيقية ونادرة: أن نُنجز أخيرًا مشروع الدولة كما ينبغي، لا كما فُرض علينا.
فهل نملك الشجاعة، والوعي، والعزيمة لنقف خلف من يُريد إعادة تعريف السودان، لا إعادة تدويره؟

#من_اجل_صناعة_مجد_السودان
تحياتي
د/ أشرف الطاهر( الريس)
رئيس الجهاز الشعبي لنهضة السودان

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى