مقالات

المبادرة التركية ، إلى أين ؟


بقلم :د.عبدالعظيم عوض

علي أثر زيارة وزير خارجية تركيا مؤخرا لدولة الإمارات جرى تحريك المبادرة التركية بشأن المسألة السودانية مجددا ، وعقب الزيارة رحبت وزارة الخارجية الإماراتية بالمبادرة ببيان مبهم مشحون بكثير من العبارات المطاطة التي درجت عليها حكومة بن زايد ، ولعل البيان اتي مشابها لما سبق أن اوردته وكالة انباء الإمارات حول المكالمة الهاتفية بين الفريق البرهان وبن زايد وهو البيان الذي جرى تبديل صياغته ثلاث مرات بعد بثه فتاهت الحقيقة بين التعديلات التي أثارت لغطا واسعا في ذلك الحين وحتي الآن، وهانحن نعود لذات مربع التيه والهروب من حقائق الوضع في السودان التي باتت معلومة لكل الدنيا إلا من أبى وأفترض في الآخرين الغباء .
بيان الخارجية الإماراتية – حسب وكالة انباء الإمارات- خلص الي الآتي بعد الترحيب بالمبادرة التركية :
▪︎ أن دولة الإمارات تعمل لإيجاد حل سلمي للصراع في السودان .
▪︎ علي أطراف الصراع احترام التزامات اتفاق جدة .
▪︎ غياب القوات المسلحة عن محادثات جنيف يعد تجاهلا صارخا لمعاناة الشعب السوداني” الشقيق” وعدم الرغبة في السلام .
▪︎ الحوار والتفاوض هما السبيل الوحيد لإنهاء الصراع والوصول لحكومة مدنية .
هذا تلخيص لبيان الخارجية الإماراتية المنقول عن وكالة الأنباء الرسمية ، بمعني انه ليس ملفقا او مزورا ، حرصت علي هذا التأكيد حتي لا يصاب القارئ بالتشكيك في عقله ومقدرته الاستيعابية كما حدث للعبدلله، فحرص نظام بن زايد علي المزايدة غريب وجرئ بما يدعو للحيرة فعلا ..!
هي تقول انها من الساعين للحل السلمي في وقت يستمر فيه امدادها بالاسلحة للمليشيا عبر مختلف السبل كما أكدت لجنة خبراء الأمم المتحدة دعك من الإعلام العالمي الحر .. ثم هي حريصة أيضا علي حكاية أطراف الصراع ، مع علمها بأن الحاصل هو تمرد نتج عن محاولة فاشلة للاستيلاء علي السلطة صبيحة يوم ١٥ أبريل ٢٠٢٣ .. أما حكاية غياب ” وفد القوات المسلحة” عن ما وصفه البيان بمحادثات جنيف يعد تجاهلا لمعانات الشعب السوداني” الشقيق” ، فإن الذي غاب هو وفد الحكومة السودانية برئاسة السيد محمد بشير ابو نمو ، والحقيقة إنها لم يغب بل إعتذر للجهة الداعية لحرصه علي رفع المعاناة عن الشعب السوداني عبر مفاوضات جادة وبوفد تختاره حكومته وتغيب عنها الإمارات إلا اذا كان حضورها كطرف أصيل في الحرب وتخلع قبعة المسهّل او المراقب وغيرها من صفات ( الاستهبال) التي باتت ممجوجة خاصة بعد أن أودع السودان ملف تورط الإمارات في العدوان عليه لدى مجلس الأمن ، ويجري الاعداد حاليا لرفع الأمر أمام محكمة العدل الدولية .
أخيرا يمكن الاتفاق مع وجهة النظر الإماراتية المشمولة في البيان ، في أن ” الحوار والتفاوض هما السبيل الوحيد لإنهاء الحرب” لكن يجب أن يكون التفاوض مع دولة الإمارات ذاتها لا مع ظلالها ، ولعل ذلك ما أشارت اليه المبادرة التركية ابتداءً ووجدت ترحيبا من الحكومة السودانية ، لكنه يظل ترحيبا مشروطا باعتراف الإمارات بحكومة الأمر الواقع في السودان ، ورفع يدها عن الدعم العسكري للمليشيا والدعم السياسي لحاضنتها ، ثم الالتزام بمبدأ تعويض السودانيين عن ما لحقهم من أضرار بالغة نتيجة لهذا العدوان علي بلدهم وارواحهم ومصانعهم وبيوتهم وممتلكاتهم وكرامتهم ..

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى