مقالات

المُتغيرات.. الطاهر ساتي

:: كالعهد بها دائماً بالوقوف مع بلادنا عند الشدائد (بلا شروط)، سارعت قطر إلى إرسال المساعدات.. لم تنتظر إعلان الطوارئ ولا طلبات النجدة، وليس في الأمر عجب، فالدوحة لا تُغيّر مشاعرها ومواقفها تجاه الخرطوم.. و لكن من المُتغيرات، فيما توزع قطر مساعداتها للمنكوبين بلا ترويج، ذهب وفد المجلس المركزي لقوى الحرية لسفارة قطر بالخرطوم ليشكرها، وهذا ما لم يكن يحدث عندما كانوا حُكاماً..!!

:: نعم، فالسادة لم يكتشفوا دولة قطر وسفارتها إلا بعد سقوط حكومتهم في 25 أكتوبر.. ولعلكم تذكرون سيول وفيضان العام 2020، وكان النشطاء عامئذ حُكاماً، وكانت قطر – كالعهد بها – ملاذاً آمناً للمنكوبين بكل أقاليم السودان، ومع ذلك لم تستقبل سفارتها بالخرطوم وفد الشاكرين.. ومن المشاهد المألوفة بمطار الخرطوم عامئذ، عندما تكون الطائرة مصرية أو إماراتية، يكون في استقبالها نصف أعضاء مجلس الوزراء..!!

:: كل المشاهد موثقة، كانوا يتسابقون في استقبال طائرات الإغاثة، ويتحلقون حولها لالتقاط الصور.. ولكن حين تكون الطائرة قطرية، بتهربون ويرسلون لاستقبالها الموظفين و(العتَّالة)، وتكون كلمة الترحيب من شاكلة: (من هنا نشكر الشيخ حمد أمير قطر)، أو كما قالت لينا الشيخ في ذات رحلة.. وليس في عدم معرفتها بمن يحكم قطر ما يُعيب، فالناشطة لم تكن قد نضجت وتعلمت بحيث تكون مسؤولة وتعي ما تقول..!!

:: ومن المتغيرات أن بيان النشطاء أطلق على قطر وصف (الشقيقة)، وهي الدولة التي لم تطأ أرضها أقدام رئيس وزراء حكومتهم إطلاقاً.. فالشاهد أن قطر أرسلت دعوة مكتوبة، وقدمت أخريات شفاهة، ولكن حكومة النشطاء لم تكن مستقلة لحد تلبية دعوات قطر .. كانوا يهرولون أسبوعياً إلى كل عواصم الخليج، ما عدا الدوحة التي يناشدونها اليوم بمضاعفة مساعداتها، حسب بيانهم.. صدقاً، إذا لم تستحِ فناشد من تشاء..!!

:: يناشدونها بمضاعفة الإغاثة، وهم الذين منعوا تلفزيون السودان – في خريف 2020 – عن بث اليوم المفتوح الذي خصصته قنوات قطر لمعاناة شعبنا وبلادنا.. ويومها كتبت – فيما كتبت – بالنص: لو كان تلفزيون السودان حُرَّاً ومستقلاً، لاستمتع شعبنا – يوم الجمعة – بمشاعر أهل قطر وهم يشاطرون بلادنا أحزان مآسي الفيضان والسيول عبر اليوم المفتوح الذي بثته كل قنوات قطر تحت شعار (سالمة يا سودان)..!!

:: كان يوماً سودانياً، تبارت خلاله مؤسسات وشركات ومتاجر وأفراد في مضمار التبرع للمنكوبين في بلادنا، وتسابقوا بالمحبة قبل المال، وساهم أمير قطر بتبرع شخصي – خمسين مليون ريال- لتشجيع المساهمين، و مع ذلك لم تستقبل قطر رئيس الوزراء، ولم تستقبل سفارتها بالخرطوم وفد الشاكرين، رغم أن ناطقهم الرسمي كان يُؤكد : (ح نباري السفارات دي سفارة سفارة)، لتحمي سلطتهم، وليس لخدمة مصالح الشعب..!!

::وبالمناسبة، هل اعتذر وفد قوى الحرية؛ المكون من الواثق البرير و عمر الدقير و ياسر عرمان و طه عثمان؛ للسفير القطري عما فعلته لجنة إزالة التمكين في مشاريع قطر بالسودان؟، نأمل ذلك، وقد بلغ بهم التهريج لحد مصادرة مزرعة الأمير الوالد الشيخ حمد؛ دون مراعاة لعلاقة البلدين و الشعبين و افضال الأمير على شعبنا؛ و كذلك دون مراعاة لنظم وقواعد وأعراف الدبلوماسية ..!!

:: على كل، لقد أحسن النشطاء عملاً لو تغيّروا و أصبحوا سياسيين مسؤولين .. وليسوا وحدهم من تغيّر ؛ فالسيد رئيس المجلس السيادي أيضاً اتصل بأمير قطر شاكراً و قوفه مع السودان في الملمات، وهذا ايضاً من (المتغيرات الحميدة) ، أي ليس كذاك الموقف الرافض لاستقبال وزير الخارجية القطري في أبريل 2019 .. و كثيرة هي دروس السياسة، ونأمل أن يتعلموا، بحيث لا يعيدوا إنتاج المواقف غير الحميدة، فليس من سلامة المواقف أن تُعادي وطناً أو تُخاصم نظاماً لإرضاء الآخرين..!!
Alyoumaltali.net

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى