تأملات

تأملات جمال عنقرة تقدم .. خطوة متقدمة

تأملات
جمال عنقرة
تقدم .. خطوة متقدمة
لم أسعد قريبا بمقال أو موقف مثل سعادتي بالبيان الأخير الذي اصدرته تنسيقية القوي الديمقراطية “تقدم” وادانت فيه انتهاكات وجرائم مليشيا الدعم السريع الإرهابية، ولعل كثيرون لا يشاركونني هذا الاحساس من كثرة ما اصاب الوطن من دمار وخراب بفعل المليشيا المجرمة، ومن خلفهم أحزاب قحت وتقدم، ولكنني افكر بطريقة مختلفة، اعتقد انها الأصل في التعاطي مع الناس والأحداث، ومن وصايا النبوة أن تعين أخاك علي الشيطان، ولا تعين الشيطان عليه، وكان الرسول صلي الله عليه وسلم اذا اناه الرجل معترفا بذنب اقترفه حرضه علي الإنكار، ولعل الاشهر في ذلك من اتته معترفة بجريمة زنا فقال لها “لعلك قبلت؟”، ةبينما يبحث بعض الناس عن أخطاء غيرهم ليعنفوهم عليها، اري الأفضل أن نبحث عن محاسن غيرنا لنشكرهم عليها، فالاصل أن نبحث عن ما يجمع بيننا وبين إخوتنا لا أن نتصيد ما يفرق بيننا، ويشتت شملنا.
وادانة تقدم لجرائم المليشيا الإرهابية خطوة متقدمة في سبيل التقريب بين فرقاء السياسة السودانية المتباعدين، واذكر قبل أيام كنت اتحدث مع مسؤول مصري رفيع عن فرصة نجاح المبادرة المصرية لقيادة حوار سوداني سوداني شامل، فقلت له ان المدخل لنجاح هذه المبادرة أن تفك تقدم الارتباط بينها وبين المليشيا، أو علي الأقل تتبرأ من جرائمها الشنيعة، وبهذا البيان تكون تقدم قد تقدمت خطوة متقدمة في طريق التراضي الوطني لا بد أن تدعم، أو علي الأقل تجد الترحيب والاستحسان. وهنا لا بدومن التفريق بين التمرد العسكري والخلاف السياسي، فالتمرد العسكري مرفوض، وما تقوم به المليشيا تجاوز حدود التمرد علي المؤسسة العسكرية، وصار عدوانا شاملا علي الوطن والمواطنين كلهم، وصاحبه سلب ونهب وقتل واغتصاب وسبي وغيرها من الجرائم المنكرة الفظيعة، وهذا يرفضه البعيدون قبل القريبين، ولقد تابع الناس الادانات الاقليمية والدولية لجرائم المليشيا، وتصنيفها مجموعة إرهابية، اما الخلاف السياسي فهو حق مشروع، وكانت قيادة الدولة قد فصلت من اليوم الأول للحرب بين العمل العسكري والعملية السياسية، وكان ذلك موقفا حكيما، ولا يزال هذا الفصل قائما، ولقد احتشد الشعب السوداني كله خلف قواته المسلحة لرد العدوان ودحر المتمردين.
صحيح أن بعض القوي السياسية متمثلة في “قحت” ومن بعدها “تقدم” قد والت المتمردين، بل يوجد ما يؤكد مناصرتهم لهم ودعمهم، بل قد يكونوا وراء دفعهم لهذا التمرد، ولكن متى ما ثبت لهم خطل ما كانوا يفعلون، ورفضوا ذلك وادانوه كما حدث في بيانهم المشار إليه يكونون قد فتحوا بابا واسعا للتراضي الوطني، وعلينا جميعا أن نعمل علي توسعة هذا الباب ليلج منه كل السودانيين، ويتداعوا إلى مائدة حوار وطني شامل لا يقصي أحدا يحدد فيه السودانيون كيف يحكمون، ثم يختارون من يحكمهم وفق عملية انتخابية ديمقراطية حرة نزيهة.
ونقول بكل صراحة أن اي دعوة للحوار لا تشمل كل القوي السياسية محكوم عليها بالفشل، الحد الفاصل بين الوطنية والخيانة هو الموقف من عدوان المليشيا الغاشم، ولا أعني الموقف القديم، وإنما الموقف اليوم، الماضي يحاكم ويدين كل القوي السياسية السودانية، فالجميع تمرد وخان وقتل، واعتدي، ولكن العبرة بالخواتيم، وحرب أبريل المشؤومة تجب كل ما قبلها، فكل من يختار الوقوف مع الصف الوطني خلف القوات المسلحة حامية العرين، درع الوطن المتين، فهو وطني، له كل الحقوق وعليه كل الواجبات.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى