
” سيسا ” في الخرطوم .. الدوافع والأهداف …
بُعْدٌ .. و .. مسَافَة
*مصطفى ابوالعزائم*
في عهد مدير جهاز الأمن والمخابرات الأسبق ، الفريق أول أمن مهندس صلاح عبدالله محمد صالح ، المعروف ب “صلاح قوش” تأسست لجنة أجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية بمبادرة من الفريق قوش ، الذي طرح الفكرة في إحدى الفعاليات الأمنية بالعاصمة النيجيرية “أبوجا ” ، ووجدت الفكرة ترحيباً من قبل قادة أجهزة الأمن والمخابرات الأفارقة ، وأصبحت الفكرة واقعاً أمنياً جديداً في القارة الأفريقية ، وكان أول إجتماع لأجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية المعروفة إختصاراً ب “سيسا ” في الخرطوم خلال فترة حكم نظام الإنقاذ السابق ، بهدف عرّفته مضابط تأسيس CISSA ، بالتعاون الأمني البيني بين دول القارة المنضوية تحت لواء اللجنة الأمنية تلك ، وتزويد الإتحاد الإفريقي عبر مجلس السلم والأمن التابع له ، بالمعلومات اللازمة للتنبؤ بالتطورات المحتملة ، مع تقديم العون المطلوب ومساعدته لإيجاد تسويات وحلول تعمل على إنهاء النزاعات التي تهدد أمن القارة .
وأنشئت منظمة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية فى 26 أغسطس 2004 م فى أبوجا نيجيريا من قبل رؤساء أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية ، وتم إقرارها بواسطة رؤساء الدول والحكومات فى قمة يناير 2005 م .
وينظر إليها كآلية للحوار والدراسة والتحليل والتشاور لإعتماد إستراتيجيات مشتركة لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة بين أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية.
ودورها يكمن فى تزويد القيادة بكل ما يتعلق بمسائل الأمن والمخابرات فى أفريقيا لترسيخ السلم والأمن والإستقرار فى القارة ، وتنسيق الإستراتيجيات بين أجهزة الامن والمخابرات، ووضع وتعزيز تدابير بناء الثقة بين أجهزة الأمن والمخابرات.
خلال الأيام القليلة الماضية إنعقدت في الخرطوم ورشة عمل نظمها جهاز المخابرات العامة السوداني ، بالتعاون مع أجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية “سيسا” كان موضوعها الرئيس هو ” دور التحصين والمعالجة الفكرية في محاربة الإرهاب ” وللسودان تجارب في هذا المجال ، ربما يكون قد شرحها وقدمها مدير جهاز المخابرات العامة السوداني الفريق أول أحمد إبراهيم مفضّل ، في جلسات هذه الورشة التي قطعاً سيكون قد ضُرِب عليها وحولها أسوار من السرّية ، لكن ما رشح منها في تصريحات علنية ، هو إن الفريق أول مُفضّل أكّد على إستعداد السودان التام للعمل والتعاون مع الجميع بكل شفافية في مجال مكافحة الإرهاب على كل المستويات ، ثنائية كانت أو جماعية ، وإلى أبعد الحدود .
الفريق مُفضّل أشار إلى نقطة مهمة في كلمته التي ألقاها عند إفتتاح الورشة ، وهي إن المكافحة الشاملة لظاهرة الإرهاب تستدعي وتتطلب التعاون العميق في مجال تبادل المعلومات ، لكشف المجموعات الإرهابية وطرق عملها ، وأساليبها وعملياتها التي تخطط لها للقضاء على نشاطها من جذوره .
حقيقةً تابعت على المستوى الشخصي والمهني معاً مجريات ووقائع هذه الورشة من على البُعد ، لأن الأوضاع في دول الإقليم وبعض دول الجوار أضحت مراكز للعنف والعنف المضاد ، وبعضها أصبح مراكز تجنيد وإستقطاب حاد لأبنائنا والدفع بهم إلى بؤر الصراعات ، وهذا في حد ذاته مهدد خطير للأمن الوطني في بلادنا ، ثم إن هذا يعني في ذات الوقت إن أشكال الصراعات الإثنية والقبلية ، وإنتشار السلاح ، ووجود المجموعات المسلحة بصورة غير قانونية ، سيجعل من بلادنا ساحة لفوضى محتملة ، وهو ما يتطلب الإسراع في تقنين وتسوية أوضاع كثير من الحركات والقوات المتفلتة ، مع ضرورة مناهضة خطاب الكراهية وتأليب بعضنا البعض ضد بعضنا البعض ، وهذا هو الأخطر لأنه يهدد الأمن المجتمعي الذي يهدد بدوره الأمن الوطني ، ويعمل على تفكيك الوطن .
ماحدث في الخرطوم من إجتماعات معلنة وسرية ، خلال إنعقاد الورشة أو على هامش إنعقادها ، نرى أنه يحقق هدفاً منشوداً لكن هذا لن يكون الا بتعاون كل الأطراف ، وبضرورة تهدئة الصراعات السياسية العمياء حتى لانفقد الوطن العزيز .
اللهم إني قد بلغت فأشهد ..
Email : sagraljidyan@gmail.com