مقالات

مبارك الكودة .. يكتب لا يكلف الله نفساً الا وسعها


الوسع هو الذي يستوعب قدرات الإنسان لتحقيق التكليف،والتكليف إبتلاء من عند الله والعدل يقتضي ألّا يكلف الله نفساً إلّا وسعها ( ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) ولكل إنسان وسعه قوةً جسدية وعقلية معرفية وإمكانات ماليه ٠٠٠٠الخ حتي ظرفي الزمان والمكان يضافا لوسع الإنسان ، القرية لها وسعها والمدينة كذلك ، وربما يكون وسع القرية أكبر في بعض الحالات من المدينة ، ووسع الأمي أكبر من المتعلم في بعض القضايا ( وما ربك بظلام للعبيد ) كما لكل دولة وسعها ، ولذلك ينبغي علينا ألّا نجعل من الذين سبقونا بوسعهم في بعض قيمهم قدوةً لنا ( لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍۢ مِّن سَعَتِهِۦ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُۥ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتاه ٱللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَا ۚ ) فإن كانت اوروبا قد تفوقت علينا في القيم المادية فتكامل الأدوار يفرض علينا أن نصبغ هذه الماديات بقيمنا الروحية ، وإن هم سبقونا في قيم الحرية والعدل العام ، فإنا قد سبقناهم في قيم الترابط والتكافل الأسري والمجتمعي فالسوداني الذي لم ينل حظًا من التعليم ويقيم في باديةٍ نائيةٍ مُشبع بقيمة المسئولية تجاه أسرته الممتدة ، ويفوق في ذلك أكبر عالم إجتماع في أيِّ دولة أوربية ، بل قد تمتد مسئولية هذا القروي للجار ذي القربي والجار الجنب ، زرت في هولندا دُوراً للمسنين ورغم وجود كل الخدمات من مسكن ومأكل ومشرب ورعاية طبية إلّا أنها تفتقد لما يحتاجه المسن من حقوق إنسانية ، وتملكني حينها شعور بأن هولاء الآباء والأمهات يعيشون حالة من إنتهي دوره في الحياة وها هو الآن في رف الانتظار ليشيع لمثواه الآخير ، وهذا بالطبع شعور قاس مقارنة بذلكم المسن الذي يرعاه أبناؤه ويلتف من حوله أحفاده يحدثهم ويحدثونه ٠
الدولة المدنية التي تأسست في الغرب ونسعي لتأسيس نموذجها في السودان دولةً شكلانيةً في مَدَنِيتِها ، تحكمها القوانين والإجراءات الدقيقة وأصبح الإنسان فيها مجرد بطاقة ممغنطة ، وتبدلت مقولة ان المدنية طبعاً واصبحت الفردانية هي الطبع وتلاشت الصفة الاجتماعية وغدت مؤسسات المجتمع المدني هي قوام العمل الإنساني المجرد من قيمة التنافس لعمل الخير ، وصحيح أن يكون هنالك دور لمنظمات المجتمع المدني التكافلي بشرط ألّا يكون ذلكم الدور مجرد عمل إداري محض لا علاقة له بقيم التدافع الخيري ( أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) لماذا لا نقدم ما عندنا من قيم روحية لنصبغ بها المادية الغربية ، وبالطبع لا يعني ذلك أن نتخلي عن الجانب المادي ولكن يجب الا نبخس أشياءنا ، وفي تقديري أن الإنسانية اليوم في حاجة ماسة لقيمة التواصل والتكافل الاجتماعي ٠
معايير التفوق ليست معادلات رياضية إنما هي قضايا نسبية ، وفي جدلية قوامة الرجال علي النساء يقول تعالى( ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ ۚ ) ويعني ذلك أنه ليست هنالك أفضلية نوع علي آخر إنما هو تكامل أدوار ، أجد نفسي دائم التفكير في حديثه صلي الله عليه وسلم ( إنَّ مَثَلي ومثلَ الأنبياء منْ قَبلي، كَمَثَلِ رجلٍ بنى بَيْتًا فأحْسَنَهُ وأجْمَلَهُ إلا مَوْضعَ لَبِنَةٍ من زاوية فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفونَ بِهِ ويَعْجَبونَ له ويقُولونَ هَلَّا وُضِعَتْ هذه اللَّبِنَة فأنا تلكم اللبنة وانا خاتم الانبياء ) فدورنا أيها الأخوة أن نضع تلكم اللبنة وهي مكارم الأخلاق ليكتمل البناء الذي بعث الله به محمداً رسولاً للعالمين واللهم أهدنا سواء السبيل ٠

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى