مقالات

مكي يوسف البر .. يكتب عندما تتشابك اغصان الجمال في رحيل والدنا بابكر محمد أحمد


غيب الموت صباح الأربعاء 27/7/2022 والدنا بابكر محمد أحمد الذي كان كنسمة الصيف وقطرة الندى وطيف رحل عنا سريعا لكنه خلد نفسه بنفسه في دنيوات الجمال فكان جميلا في في كل شيء يدهشك بساطته وتتعشق فيه كمال المروءات وسماحة النفس وعفتها وجدت فيه تلك المكرومات حصنها فاستعصمت فيه، فهو العصامي في عمله المبهر في أدبه وأخلاقه الحديث عنده منظومة متكامله من الأدب والتهذيب يزينه صوت خافت آتِ من وجداناً عامراً بالجمال والحديث عن والدنا بابكر محمد أحمد يطول فهو رجل متعدد الجوانب الكل يحفظ له مواقف تشرفه وتشرف الانسانيه في زمن تنكر فيه الناس بإنسانيتهم وآدميتهم ولعل أكبر خطأ ممكن أن نقع فيه أن نحصر والدنا بابكر محمد أحمد في شخص رجل الأعمال الناجح وانها أحد مكونات شخصيته لكنها ليست الأساس ولكن يكمن السر في شخصية بابكر محمد أحمد في سراً كبير بينه وبين ربه والذي يعرف عند علماء الذكر والعبادات في الإسلام بإسم (الخبيئه) وهو سر بين العبد وربه وأقرب الفهم واقول انا الرسول صلى الله عليه وسلم سأل سيدنا بلال قائلا له اني اسمع دُف عليك في الجنة فما هو أرجأ عمل أوصلك لهذه الدرجه فيقول سيدنا بلال يا رسول الله ما توضأت لغير الصلاه المكتوبة الا صليت ما شاء الله لي أن أصلي فتلك تلك هي الخبيئه التي أوصلته الي جنة ربه ولا أشك في أن والدنا بابكر محمد أحمد له خبيئه بينه وبين ربه حلقت به في سماوات الكمال الانساني فكان بابكر محمد أحمد الممتلئ سكينه وخلقاً وعطاء وهي التي كيفت حياته مع الآخرين سلماً وسلاماً وعطاءاً حتى لقي ربه راضياً مرضياً.. ولقد جلست مع والدنا الكريم في منزله بالصافيه جلسات متعدده ففي كل زيارة تتكشف لي صور من الجمال تزينها البساطه والدواخل العامره فاتخذته قدوةً وشيخاً أشهد فيه عوالم غابت عنا وكنت أُمني نفسي ان أكتب سيرته الذاتيه بحقائق اخذها منه مباشرةً وقد حُظيت بالقليل وكنت أطمع في الكثير لكن ما أخذته منه لا أقيسه بي درٍ او مالاً او جاهٍ فتحولت عندي شخصيه بابكر محمد أحمد في نفسي رمزاً ونوراً أتمنى أطبق واحده من صفاته وبقي نقطه أخيرة لابد أن أعرج عليها فكانت تجمع والدي يوسف محمد البر علاقة سامية وعالية من أندر العلاقات الإنسانيه في زمننا هذا علاقه عنوانها الأخوة والاحترام والود والعلاقة المتواصلة غير المقطوعه التي يعرفها القريبون منهما وفي لقاءات مع والدنا بابكر محمد أحمد سألته كيف ومتى بدت علاقتك مع والدنا فأجابني بأنه في اوائل الستينات ذهب إلى الأبيض ونزل في منزل الشيخ الكبير محمد طه التجاني وأخبرته بأنني أريد وكيلاً لي في الأبيض فدلني على يوسف محمد البر فكانت تلك العلاقه ومنذ ذلك الزمن تزيدها الايام تجلياً وقرباً وأذكر واحده من الوقفات الجميله لهذا الرجل الرمز فقد دعوته لزواج ابنه شقيقي اسماعيل وكان بإحدى صالات الأفراح بالخرطوم جاء ومعه ابنه عوض فرحبت بهم كل الترحيب وسررت بمقدمه وجلست بالقرب منه مؤانساً واذا بالدموع تفيض من عيني والدنا بابكر محمد أحمد وهو يمسحهما بالمنديل ويقول لي “لقدت فقدت أخوي” انها لحظه نادرة ودموع الرجال غالية ودموع عمنا بابكر محمد أحمد أغلى.. وفي آخر لقاء معه بمنزله بالصافيه، وعندما قمت مغادراً المنزل قبلته على رأسه فأخذ بيدي ودعا لي ولأولادي ولوالدي وقال لي بالحرف الواحد انك والدك الناس لا تعرفه حق المعرفه فعلمت ان هناك معرفه وحقائق واقدار لا يعرفها إلا الرجال..
إن بابكر محمد أحمد كان أمة في اخلاقه وسماحته وعطائه لذلك شق على الجميع فراقه.. والله لو كان لوالدنا بابكر محمد أحمد عمر نوح عليه السلام لسألنا الله له المزيد لكننا راضون بقضاء الله وقدره.. كما قلت الأخوين عوض والنور في العزاء بالخرطوم كما جمع الله بين أبي وبابكر محمد أحمد في الحياه عهدا علي أن أجمع في الدعاء بينهما..

لقد بابكر محمد أحمد :
نور تردد في طيناً إلى أجل
فإنحاز علواً وخلى الطين للكفن

اللهم ارحم عبدك بابكر محمد أحمد واجعله في أعلى عليين مع أنبيائك ورسلك وصفوه خلقك من الشهداء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا…

اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره…

بقلم مكي يوسف البر
31.7.2022

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى